مازالت ردود افعال الشارع المصري وخبراء القانون تتواصل حول التعديلات الدستورية الاخيرة فالجميع يؤكد ان هذه التعديلات جيدة ولكن ليست كافية لرسم الخريطة السياسية المستقبلية لمصر نا الحبيبة ويطالبون بوضع دستور جديد مستندا للشرعية الثورية يضمن تحولا ديمقراطيا حقيقيا. ولكن تتباين الاراء بين من يطالب بصياغة الدستور الجديد الآن واجراء الاستفتاء عليه او اقرار هذه التعديلات في الفترة الانتقالية الحالية لحين الانتخابات الرئاسية وانتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد. يري الدكتور صلاح الدين فوزي استاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة ان التعديلات الدستورية المقترحة تأتي في اطار الشرعية الثورية وليس الدستورية لانها لن تخضع للاجراءات اللازمة لتعديل الدستور والمنصوص عليها في الدستور المعلق موضحا ان التعديلات الجديدة لم تتعرض لسلطات الرئيس التي تعزز المركزية كما ان اسناد الفصل في صحة العضوية بالبرلمان للمحكمة الدستورية يصعب تحقيقه علي ارض الواقع لقلة عدد اعضاء الدستورية العليا والذي لا يتعدي17 عضوا ومن افضل اسناد ذلك للمحكمة الادارية العليا والتي يزيد اعضاؤها عن 200 قاضي مما يتيح سرعة الفصل في العضوية. ويشدد علي ضرورة وضع حد اقصي للترشح للانتخابات الرئاسية لافتا الي ان اشتراط ضرورة ان يكون المرشح مصريا وغير متزوج من اجنبية يسابعد اشخاصا بعينهم وهو ما يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية. ويستطرد انه لابد من انتخاب نائب الرئيس في نفس التوقيت انتخاب رئيس الجمهورية ووضع صلاحيات محددة وحقيقية مشيرا الي اهمية وضع اليات حقيقية تتضمن اجراء انتخابات نزيهة كالتصويت الالكتروني ومنع الاجهزة الرسمية من التدخل في اي اجراءات وتمكين المرشحين ومندوبيهم ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني من مراقبة العملية الانتخابية دون الزامهم باستخراج توكيلات او تصاريح مسبقة. من جانبه يطالب الدكتور ربيع فتح الباب استاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس بصياغة دستور جديد يتماشي مع تطلعات وتوجهات الشارع المصري والغاء دستور 1971 الذي صدر في توقيت مختلف تماما عن ما وصلت اليه مصر من نضوج سياسي الآن موضحا ان النظام البرلماني الآن اكثر ملاءمة من النظام الرئاسي موضحا ان التعديلات الحالية بصورتها جيدة ولكنها لاتصلح الا لفترة انتقالية لحين انتخاب هيئة تأسيسية لاقرار دستور جديد. ويشدد علي ضرورة الغاء مجلس الشوري الذي ليس له اي دور سياسي حقيقي ونقل صلاحياته للبرلمان رافضا فكرة استبداله بمجلس للشيوخ مع ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية وعدم التسرع في اجرائها خاصة في ظل تواجد الحزب الوطني في كافة المحافظات وامكانية فوزه بالكثير من المقاعد استنادا علي قاعدة المال والعصبية. ويتفق معه الدكتور فؤاد النادي استاذ القانون الدستوري بجامعة الازهر مؤكدا ان التعديلات الدستورية الاخيرة هي بمثابة عملية ترقيع ثوب ممزق وما زال الدستور يحتوي علي مواد معيبة لم تتطرق لها التعديلات المقترحة للمادة المتعلقة بنسبة العمال والفلاحين والمواد 137 و138 و141 المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية فهو الرئيس الاعلي للسلطات التنفيذية ويحق له وحده تعيين رئيس الوزراء واعفاءه من منصبه والكثير من الصلاحيات التي تكرس الديكتاتورية مطالبا العودة لدستور 23 الذي يعد افضل الدساتير التي تم وضعها في تاريخ مصر حتي تم وصفه بالثوب الفضفاض لاحتوائه علي الكثير من الحريات العامة. ويشيد د. النادي بالضوابط التي تم وضعها في المادة 76 لافتا الي انها سهلت عملية الترشح للرئاسة وفي الوقت نفسه ضمنت جدية الترشح. ومن جانبه يرحب الدكتور احمد البرعي رئيس قسم التشريعات الاجتماعية بجامعة القاهرة ومقرر لجنة حماية العمال بالامم المتحدة بتحديد مدة الرئاسة ب 4 سنوات ولفترتين فقط موضحا ان اللجنة المكلفة بتعديل مواد الدستور استطاعت بذل ما في وسعها في الفترة المحدة لها للوصول لتعديلات تحقق مطالب الشعب ولكن الفترة الانتقالية غير كافية والافضل مدها حتي يتم وضع دستور دائم والاستفتاء عليه لضمان تحول ديمقراطي حقيقي.