صورة أرشيفية سيطر السياسة على فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط المعروف باسم "دافوس" الذي اختتم جلساته أمس في البحر الميت، رغم أنه عقد تحت عنوان " النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل في العالم العربي،" واحتل " الربيع العربي" صدارة المناقشات في جلسات المنتدى على مدار يومين، ودعا المشاركون إلى عمل " مشروع مارشال عربي" لدعم التنمية الاقتصادية في ظل عدك إمكانية الاعتماد على الدعم المالي من الولاياتالمتحدة وأوروبا التي تواجه أزمات اقتصادية. وأكد عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية السابق، أن الموقف المصري من عملية السلام في الشرق الأوسط موقف استراتيجي، ولا يمكن أن يتغير بتغير النظام، مشددا على أن القضية الفلسطينية وحل الصراع مع إسرائيل وفقا للمبادرة العربية، مهمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وستظل ضمن أسياسيات السياسة المصرية." وقال موسى، خلال مشاركته في مناظرة حول السيناريوهات الجيوستراتيجية لعام 2012 نظمتها قناة العربية أمس على هامش جلسات المنتدى المنتدى، إن "الالتزام بالمباردة العربية والمواثيق الدولية أمر ثاتب في السياسة المصرية، ولكن يمكن إعادة النظر في بعض ملاحق معاهدة السلام التي لا تحقق هدفها ،مثل الوضع الأمني في سيناء، وهو تطور تتطلبه الأوضاع ولا يتعارض مع الالتزامات المصرية." وأضاف :" كان هناك تراجعات في السنوات الأربع الأخيرة فيما يتعلق بالملف الفلسطيني، لكن هذه التراجعات انتهت، ونحن ملتزمون بالقضية الفلسطينية وحلها ونناصر توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" للأمم المتحدة، بعد أن أغلقت كل الأبواب." وحول البرلمان المصري المقبل قال موسى: " البرلمان المقبل لن تكون فيه أغلبية وأقلية وإنما مجموعات قوية، وهذا يطرح احتمال تشكيل تحالفات داخل البرلمان، وقد يؤدي إلى اهتزاز في الموقف السياسي، لكن وجود رئيس سيحد من المسألة،" محييا الثورة التونسية التي أطلقت الشراراة الأولى للتغيير، وأضاف:" لأول مرة تأتي المبادرة من المغرب العربي،" لافتا إلى أن "هناك سباق بين الإصلاح والثورة، لكن حركة التغيير بدأت." وأكد موسى أن " الجيش سيقود المرحلة الانتقالية فقط، و سيقود مصر نظام مدني منتخب،" مؤكدا أهمية البدء في خطة إصلاح سياسي واقتصادي وتنمية. ورحب موسى بمقترح عمل "مشروع مارشال عربية"، وقال:" المشروع لا يتعلق بالأموال فقط، بل بتغيير طريقة تعامل الحكومات مع مشاكل الناس، فهو مشروع موديل 2011، فالأموال موجودة والقدرة على تطوير النظام الإداري موجودة." وقال موسى ممازحا وزير الخارجية الأردني ناصر جودة الذي أكد على ان الدول العربية تحتاج قيادة شابة، : " نحن شباب، وعندما أتحدث عن القيادة أتحدث عن قيادة موديل 2011." وحول إيران قال موسى: "إيران دولة مهمة في المنطقة لديها علاقات وماشكل مع الدول العربية أهمها الاختلاف حول كيفية حل الصراع العربي الإسرائيلي،" مضيفا :" لا بد من بدء حوار جدي مع إيران لحل هذه المشاكل، وسبق واقترحت ذلك وانا في الجامعة العربية." وتابع :" هناك حركة تركية لينة في المنطقة وحركة إيرانية خشنة، لكن أي منهما لن يقود المنطقة العربية، لأن قيادة العرب ستظل عربية." و أكد مبعوث الرباعية الدولية ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق، توني بلير أن " حالة عدم اليقين السياسي في المنطقة العربية هي أنسب وقت للدفع باتجاه عملية السلام وحل الدولتين،" معربا عن أمله أن يتم استئناف مفاوضات السلام، وأن "يحصل الفلسطينيون على ما يريدونه بالأمم المتحدة، فهم قدموا طلبا من حقهم تقديمه،" في إشارة إلى طلب أبو مازن عضوية دولة فلسطين بالأمم المتحدة. وقال :" الثورات العربية منحت الشعوب حق تقرير مصيرهم، وتعلمنا من مصر وتونس وليبيا أنه إذا لم يكن هناك إصلاح فستكون هناك ثورة،" مضيفا :" انا قادم من دولة استغرقت قرنا لتطوير الديمقراطية ، وأنتم تريدون تحقيق الديمقراطية من لا شيء خلال شهور."، لافتا إلى أن " تغيير النظام السوري سيضع ضغطا على إيران،" وإن كان " لم يستطع التنبؤ بمستقبل سوريا. وأكد أن الديمقراطية " ليست نظام تصويت بل هي اقتصاد يعلي من قيمة العمل، ومجتمع منقتح، وحرية تعبير وإعلام ودين،" مشيرا إلى أن " الثورات بطبيعتها غير مستقرة، وغالبا ما تنتهي بشكل لا يريده الشارع،" وقال :" التاريخ يثبت أن انتفاضة الشارع تستطيع التخلص من الحاكم لكنها غير قادة على حكم البلاد،" مؤيدا "مشروع مارشال عربي لدعم الاقتصاد." وقال رئيس وزراء إقليم كردستان العراق برهم صالح :" إلى الآن الشعب يريد إسقاط النظام، ولكن ليس هناك رؤية لما بعد ذلك،" مشيرا إلى أن " العراق كان يرى أن اسقاط صدام هو الحل، ولكننا لم نعمل بما فيه الكفاية في الفترة التي تلت ذلك لتحديد ما يريده الشعب من الديمقراطية." وفي جلسة أخرى حول " آفاق التعاون الإقليمي العربي" قال السفير نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية،: " عملية التغيير في مصر ستسغرق وقتا، ولن يكون البرلمان الأول والدستور الأول جيدا ويلبي طموحات المصريين.. ستكون هناك فترة من المحاولات الفاشلة في البداية حتى نصل لما نريد، فليس هناك عصا سحرية لتحقيق الديمقراطية،" مشيرا إلى أهمية " التعاون العربي العربي لتحقيق التنمية الاقتصادية، من خلال مشاريع ضخمة بين الدول العربية وليس مشاريع ثنائية." وأضاف إن عملية البناء تستغرق وقتا لتحقيق العدالة اجتماعية وتحسين ظروف العمل والحياة والاقتصاد ووقف الفساد وسيادة القانون، وهذا ما عرفته من تجارب الدول الأخرى فمثلا في بولندا عاد الحزب الشيوعي للحكم بعد الانتخابات والاستقرار، مشيرا إلى وجود مجموعة من الأسئلة في مصر حول الانتخابات وكيفية التعامل مع أعضاء الحزب الوطني السابق، لكن " بغض النظر عن كل هذا فالعملية تحتاج إلى صبر وجلد وتصميم، والمهم هو ان أي حكومة مقبلة ستنفذ رغبات الشعوب، وعلى إسرائيل أن تدرك أنها لا يمكن أن تسير بنفس الطريقة السابقة وتغفل الشارع العربي." وأكد مساعد وزير الخارجية الأمريكية للاقتصاد والتجارة خوسيه فيرنانديز ان " الثورات العربية أكدت نقص الفرص للشباب المتعلم، ولذلك كان لا بد من بنى تحتية للتكامل بين بلدان المنطقة العربية، للتصدي للشعور بالاحباط الذي إدى للثورة، " مشيرا إلى " وجود مشكلة في واشنطن تتعلق بتمويل الإصلاحات في العامل العربي بسبب ضغوط الميزانية." وقال :"هذه الثورة يقودها الشعب ولا بد أن يملكها أصحابها، وعلينا التعامل مع القضايا التي ساهمت في اليقظة العربية، وسنحترم رغبات أية حكومة، ولا أريد الدخول في تخمينات حول كيف سنتعامل مع حكومات مختلفة، لكنني أؤكد أن هناك إعجاب بما حدث في مصر وتونس وليبيا لكننا لا نتفق على كل شيء،" مشيرا إلى أن " الديمقراطية يمكن أن تكون فوضوية." من جانبه قال الدكتور محمود عيسى، وزير الصناعة والتجارة الخارجية إن "حل مشكلة البطالة نهائيا في مصر يحتاج إلى مليارات الدولارات، مشيرا إلى أنه "لا يمكن العمل بالتجارة والصناعة دون مواجة تحديات الفساد." وأضاف عيسى، خلال إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي تحت عنوان "ربط التجارة بالتنمية "، إن "الأوضاع الأمنية في مصر أثرت سلبا على الاستثمارات، وهناك أصوات تطالب بزيادة الأجور رغم أن الوقت غير مناسب لذلك،" مؤكدا أن "الأوضاع في مصر تتحسن." وتابع إنه "لا يمكن العمل من أجل التنمية من خلال الصناعة والتجارة دون مواجهة تلك التحديات والظروف السائدة بعد الثورة أو تلك المتعلقة بانعدام الشفافية والفساد والبيروقراطية، وبالتالي لا يمكن الحديث عن زيادة معدل النمو الاقتصادي دون التغلب على هذه الصعوبات." ومن جانبه قال المدير في برنامج الاقتصاديات الدولي ومؤسسة كارينجي الأمريكية يوري دادش إن "اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين أمريكا والدول العربية ساهمت في خدمة التجارة العربية بشكل واضح في حين جاءت اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين الدول العربية وأوروبا لصالح الدول الأروبية فقط." وأكد " حاجة دول الربيع العربية إلى دعم الاتحاد الأوروبي سواء اكان دعما ماديا أو في صورة تخفيف القيود، حيث تمكنها من زيادة حجم التجارة الخارجية بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية." وقال وكيل وزارة التجارة الأمريكية فرانسيسكو سانشيز إن "الولاياتالمتحدة تتطلع إلى علاقة جديدة مع الدول العربية، خاصة فيما يتعلق بالمجالات التجارية،" مشيرا إلى أن النهوض بالتنمية في الدول العربية يجب أن يبدأ من القطاعات الخاصة، حيث يجب تعزيز استثمار رؤوس الأموال العربية في داخل الدول العربية، والاعتماد على رأس المال البشري،" مؤكدا أن "الاتفاقيات التجارية تعد أداة لإزالة الحواجز وتعزيز التجارة."