هالني تماماً ذلك الخبر الذي نشر بجريدة "المساء" منذ يومين عن تحويل 16 ألف فدان زراعي بالعبور إلي مساكن. سألت نفسي والمحيطين بي: كيف يحدث ذلك؟!.. وكيف نتحدث عن تزايد الاستيراد من الغذاء وضرورة سد هذه الفجوة والاستفادة من الامكانات المتاحة وأراضي الاستصلاح الشاسعة في طول البلاد وعرضها بشكل علمي يحقق أعلي انتاجية من كل المحاصيل التي نحتاج إليها.. لأنه من غير المعقول أن نستورد الفول والثوم والعدس والأرز وغيرها من المحاصيل الاستراتيجية وغير الاستراتيجية لا لشيء إلا لأننا أهملنا الأرض والزراعة. تساءلت: أين الخطة القومية لحماية هذه الثروة من الاعتداءات ليل نهار؟. ومن المسئول الذي أهمل المتابعة حتي تحولت مساحة 16 ألف فدان كانت مخصصة للاستصلاح كأراضي زراعية.. وتركناها بفعل فاعل حتي تم اقامة مساكن ومحلات عليها.. ونقل تبعيتها من الزراعة إلي المدن الجديدة التي اتخذت قرار تقنين الأوضاع وتوصيل المرافق والخدمات لهذه المباني وبالتالي ارتفع سعر المتر من هذه الأراضي أضعافاً مضاعفة. إن جريمة الاعتداء علي الأراضي الزراعية وتبويرها لا تتوقف علي الأراضي المستصلحة الجديدة. لكنها تمتد إلي أراضي الدلتا القديمة المنتجة منذ آلاف السنين. وهو أمر غريب حقاً لابد من التصدي له بحسم وموضوعية. من يرد البناء أو التوسع. فلدينا صحراء شاسعة بعيدة عن الأراضي الزراعية لابد أن نسهل قواعد الانتقال إليها وأن نقدمها بأسعار مناسبة وإغراءات لكي نشجع الجذب إليها بعيدة عن الأراضي الزراعية التي تنتج لنا الغذاء. الأمر يحتاج إلي خطة قومية تتضافر فيها كل الجهود وتتوحد الولاية في الاشراف والسيطرة علي الأراضي الزراعية وأن نعتبرها بحق أمناً قومياً لا يمكن الاقتراب منها أو الاعتداء عليها ومن يفعل يتعرض لأشد العقاب.. ولابد أن نسقط تماماً من الحسابات بعض الأقوال التي تنظر تحت أقدامها وتتصور أن الأرض الزراعية يسمح بالزحف والبناء عليها.. وأقرب مثال علي ذلك ما يحدث الآن في أكثر من مكان حيث تم اقامة مولات علي أخصب الأراضي الزراعية في الدلتا. حدث ذلك في القليوبية والدقهلية وأماكن أخري.. فإلي متي ننتظر؟!