بين الدول العربية خيط رفيع في المشاكل التي تختلف أحياناً وتتشابه أحياناً أخري.. فقد قضت المحكمة الدستورية في الكويت ببطلان مرسوم الدعوة إلي انتخابات مجلس الأمة الجديد الذي جري انتخابه في فبراير الماضي وقضي الحكم بعودة المجلس الذي سبق أن تم حله. المجلس الجديد الذي تم حله بحكم الدستورية كانت الأغلبية فيه للإسلاميين المعارضين لنظام الحكم. وتصاعد الخلاف بينه وبين الحكومة الكويتية بسبب الادعاء أن رئيس الوزراء الشيخ ناصر الصباح فشل في منع انتشار الفساد وجاء حكم الحل قبل أن يوجه المجلس استجواباً لوزير الداخلية الشيخ أحمد حمود الصباح حول قانون الجنسية. وتنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية الكويتية أصدر أمير البلاد صباح الأحمد الجابر الصباح مرسوماً بحل المجلس جاء فيه: بعد الاطلاع علي الدستور وإزاء ما آلت إليه الأمور من تعثر مسيرة الإصلاح وتهديد المصالح العليا للبلاد فإن الأمير يري أن الأمر يستوجب العودة للأمة لاختيار ممثليها. الغريب أن عدداً من نواب المعارضة الإسلاميين أعربوا عن ترحيبهم بحل البرلمان حتي من قبل الإعلان الرسمي عن حله. وقالوا إن ذلك سيساعد علي حل أزمتنا السياسية. وكان رئيس الوزراء الشيخ ناصر الصباح قد قدم استقالته من منصبه في نوفمبر الماضي ولم يقبلها الأمير إلا الأسبوع الماضي حيث عين الشيخ جابر المبارك الصباح وزير الدفاع بدلاً منه مع احتفاظه بمنصبه كوزير للدفاع. الأمور في الكويت رغم حدة المعارضة في البرلمان مرت بهدوء وسلام دون أن ترتفع الحناجر بالإدانة والتخوين ودون تنظيم المظاهرات والمليونيات وغير ذلك من مظاهر الاعتراض الزاعقة التي تجري في مصر علي أي قرار حتي ولو كان صادراً عن أعلي سلطة قضائية. وما حدث من أعضاء مجلس الشعب المصري احتجاجاً واعتراضاً علي قرار المحكمة الدستورية العليا التي قضت بعدم دستورية بعض مواد قانون الانتخاب وبالتالي حل المجلس شيء لم يسبق له مثيل.. فقد تعودنا أن نتقبل الأحكام القضائية أياً كان منطوقها سواء صادف هوانا أو خالفه. لكن أعضاء برلماننا الموقر وأغلبه من الإسلاميين اعترضوا في سابقة هي الأولي من نوعها علي حكم الدستورية العليا.. ولم يقبلوا هذا الحكم. وحاولوا دخول مقر المجلس لعقد اجتماعاتهم غير معترفين بهذا الحكم لولا أن القوات المسلحة التي تؤمن البرلمان منعتهم احتراماً للقول الفصل الذي نطقت به المحكمة. وتمادي أعضاء البرلمان المنحل في رفضهم للحكم القضائي. وقرروا أنه في حالة فوز مرشح الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي واعتلائه كرسي الرئاسة أن يجتمعوا في ميدان التحرير ويقوم الرئيس الجديد بأداء اليمين الدستورية أمامهم. علي خلاف ما أقره الإعلان الدستوري المكمل بأن يكون حلف اليمين بالنسبة للرئيس الجديد أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا في غياب البرلمان الذي تم حله. هناك.. في الكويت احترموا الحكم القضائي.. وهنا في مصر لم يحترموه وحاولوا القفز عليه وعدم الاعتراف به.. وكأن هذا الحكم لم يكن. مصيبتنا الآن وبعد قيام ثورة يناير تكمن في أهوائنا الشخصية.. ماذا نكسب وماذا نخسر من أي قرار أو موقف. وليس هذا من سمات الدول المتحضرة.