ما يحدث في مجلس الشعب صورة مصغرة لما يحدث في الشارع المصري.. حيث تتحول الجلسات والمناقشات إلي جدل عقيم يزيد من الانقسام والاستقطاب السياسي بين ممثلي الأحزاب.. وسرعان ما يتحول الجدل إلي صراع يتعذر معه الوصول إلي اتفاق أو حتي توافق. ووسط هذا الصراع تضيع حقائق كثيرة.. وتتبادل الأطراف الاتهامات.. كل طرف يدعي أنه يمثل مصر والشعب والمصلحة العامة. ويتهم الآخرين بكل الموبقات.. ونحن في المنطقة الوسطي بينهم حياري لا نعرف من يقول الصدق ومن يكذب علينا. لقد صدق علينا القول بأننا قوم ضاع الحق بينهم.. ربما لعدم توافر الخبرة لدينا في كيفية الاختلاف والاتفاق خصوصاً في التعامل السياسي.. وربما لأن المناخ الذي نعيشه ليس مناخ حقائق وتوافق وإنما مناخ عناد ومكابرة ومكايدة وابتزاز.. ومطلوب أن نستمر كذلك إلي ما لا نهاية حتي لا تقوم لنا قائمة. في جلسة إقرار قانون انتخاب الجمعية التأسيسية للدستور تفجر الخلاف حول النسب المتفق عليها بين القوي السياسية.. وكان هذا الخلاف محصوراً بين ممثلي حزبي الحرية والعدالة والنور من جانب. وممثل الحزب المصري الديمقراطي من جانب آخر.. وهو الحزب الذي انسحب من آخر اجتماع للقوي والأحزاب السياسية عقد في مقر الوفد وانسحب معه التجمع والكرامة والمصريين الأحرار. حينما اشتد الخلاف تحت القبة طلب ممثل الحزب المصري الديمقراطي شهادة الزميل مصطفي بكري علي الاتفاق الذي تم بشأن نسب التمثيل في اجتماع الخميس الماضي بحضور المجلس العسكري.. فجاءت شهادة بكري لصالح ما قاله ممثلا الحرية والعدالة والنور.. وهنا لم يقتنع ممثل المصري الديمقراطي وطلب شهادة المشير طنطاوي! إلي هنا والأمور تسير في الخط المرسوم تماماً.. فريق من الأقلية يملي شروطه فيستجاب لها رغبة من الأغلبية في التوافق حتي لا تتهم بعرقلة تشكيل الجمعية التأسيسية حتي تختطف الدستور وتكتبه بنفسها لنفسها.. وبعضهم يروج لمقولة سخيفة بأن الدستور في درج مكتب المرشد.. لكن الأقلية تري أن المناخ يسمح لها بمزيد من الدلال والابتزاز.. فتتدلل وتبتز.. وتنسحب لتملي شروطاً أخري.. وهكذا. ما أثار العجب أن جلسة مجلس الشعب تحولت إلي قصف متبادل بين الجانبين.. واتهام كل طرف للآخر بالكذب علي الشعب حتي بعد شهادة النائب مصطفي بكري.. بينما يجلس نواب الأحزاب الأخري -شركاء الاتفاق- مسترخون يكتمون الشهادة.. ولا يستنفرون وطنياً ودينياً لكي يحسموا الأمر ويقولون لمن يكذب أنت كاذب.. ولمن يخرج علي الاتفاق قف عندك. أرجو أن يتكلم رؤساء وممثلو أكثر من 20 حزباً حتي نعرف الحقيقة.. أرجو أن يتكلم د.السيد البدوي. ود.أيمن نور. ود.وحيد عبدالمجيد. والمهندس أبوالعلا ماضي.