رغم عدم صدوره بعد عن مجلس الشعب إلا أن مشروع التصالح مع المستثمرين الذي سبق ان أصدر المجلس العسكري مرسوما بشأنه قبيل انعقاد المجلس بأسابيع قليلة مشروع القانون أثار الكثير من ردود الفعل من جانب الخبراء حيث وافق بعضهم علي هذا التوجه بينما وضع البعض الآخر شروطا لذلك. أكدت د.سلوي العنتري - عضو مجلس إدارة بنك ناصر - ان هناك نوعين من المستثمرين يجب التفرقة بينهما أثناء إجراءات التصالح.. النوع الأول من المستثمرين لم يكن لهم ارتباط بالدولة ولم يشغلوا مناصب قيادية أو سياسية بها وتقدموا لشراء أراض وشركات طرحتها عليهم الدولة بمحض إرادتها بأسعار أقل من السعر الحقيقي.. فهؤلاء يجب التصالح معهم من خلال دفع فروق الأسعار والفوائد المستحقة علي الفترة الماضية دون الإخلال بحقوقهم وبشكل متوازن بينهم وبين حق الدولة في تلك الاستثمارات. أما النوع الثاني من المستثمرين فهم من الفئة التي شاركت في صناعة الفساد وحصل علي تلك الاستثمارات من خلال مناصبهم ونفوذهم وعضويتهم في لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل وصاغوا قوانين علي أهوائهم تحقق طموحاتهم الجامحة في السيطرة علي المال العام.. فهؤلاء يجب استرداد جميع ما آل لهم من أموال واستثمارات مع حساب الفوائد والغرامات المستحقة عليهم فضلا عن ضرورة تنفيذ الشق الجنائي في حقهم ليكونوا عبرة لغيرهم. تري "العنتري" ان المرسوم الذي صدر عن المجلس العسكري بشأن التصالح وقيام لجنة فض المنازعات بمجلس الوزراء بأعمالهم يعد شيئا معيبا ومخالفاً للمعايير الموضوعية.. مشككة في أعمال تلك اللجنة ووصفتها بأنها تحمي أركان النظام السابق الذي مازال موجودا في المؤسسات العامة بالدولة بعد عام ونصف العام من قيام الثورة. قال الدكتور حمدي عبدالعظيم - العميد الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق - أوضح أن هناك أكثر من 161 مصنعا ومؤسسة قطاعا عاما تم بيعها خلال سنوات الخصخصة بأسعار بخسة قدرت بحوالي 24 مليار جنيه.. بينما يتجاوز ثمنها الحقيقي 200 مليار جنيه.. وهو ما يشير إلي وقوع العديد من المخالفات والفساد المالي والإداري في العهد البائد مطالبا بضرورة امتداد تسويات الحكومة مع المستثمرين إلي شركات الخصخصة. شدد عبدالعظيم علي ضرورة أن يتم التصالح بأسعار وقت التعاقد.. فضلا عن حساب فرق السعر من وقت التعاقد حتي الآن والمكاسب التي حققها المستثمر مع تعويض الحكومة عن الأرباح المحققة بعد تاريخ التعاقد وحتي وقت التصالح. يري د.علي عبدالعزيز سليمان - وكيل أول وزارة الاقتصاد والتعاون الدولي "سابقا" وأستاذ الاقتصاد بالجامعة البريطانية بالقاهرة - ضرورة أن يصدر قانون التصالح مع المستثمرين ورجال الأعمال المخالفين بصورة متوازنة ومتوافقا مع المعايير الدستورية والاتفاقيات الدولية حتي لا يتعرض القانون للطعن في الداخل والتحكيم الدولي في الخارج.. مؤكدا انه في حال صدور القانون ستكون له آثاره الايجابية علي الاقتصاد المصري من خلال توفير مليارات الجنيهات للخزانة العامة للدولة مما يسهم في سد عجز الموازنة وتحسين وضع ميزان المدفوعات. طالب سليمان بمراعاة الجانب التقيمي للاستثمارات محل التصالح حفاظا علي المال العام.. وأن يعاد تسعيرها وقت شرائها وليس بالأسعار الحالية سواء أكانت تلك الاستثمارات أراضي أو عقارات أو شركات ونحو ذلك.. مع مراعاة أوضاع المستثمرين حسني النية من خلال تسهيل الأمور لهم ومساعدتهم علي توفيق أوضاعهم. أشار إلي أن هناك شركات بيعت بأسعار مرتفعة وقيمتها السوقية بالبورصة حاليا منخفضة للغاية وفي حال التصالح بشأن هذه الشركات حاليا فإن ذلك سيؤدي إلي ضرر كبير بالمال العام.. ومن هذا المنطلق ستكون الدولة قد كافأت هؤلاء المستثمرين من خلال التصالح. من جانب آخر رحب سليمان بالدور الذي تلعبه الحكومة لتسوية المنازعات مع عدد من المستثمرين العرب والأجانب دون اللجوء للتحكيم الدولي.. وقال ان هذا الإجراء من شأنه تشجيع الاستثمار وجذب المزيد من الاستثمارات لمصر خلال الفترة المقبلة. أكد د.رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان الموافقة علي التصالح مع المستثمرين المخالفين يساعد علي تنشيط الاستثمار وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي ويؤدي إلي زيادة موارد البلاد.. فضلا عن انه سيؤدي إلي استقرار الأوضاع خلال الفترة الراهنة بعيدا عن الدخول في قضايا من شأنها التأثير بالسلب علي مناخ الاستثمار في مصر. قال إن دخول الحكومة كشريك مع المستثمر في حال التعثر يعتبرا أمرا ايجابيا.. لمساهمته التخفيف من أعبائها والتقليل من التزاماتها في الموازنة العامة.. بجانب ان الشراكة مع القطاع الخاص تساعد علي تحسين أداء تلك المشروعات.. مطالبا بضرورة تكوين لجنة رفيعة المستوي لتقييم الاستثمارات والشركات والعقارات محل التصالح.. علي أن يراعي في الاعتبار الوصول إلي سعر يناسب كل حالة علي حدة طبقا لظروفها الخاصة. من ناحية أخري وعلي الرغم من قيام الحكومة بتسوية المنازعات مع عدد من المستثمرين بعيدا عن القضاء ودون اللجوء إلي التحكيم الدولي - بعد أن تقدمت نحو 40 شركة للتحكيم الدولي بالفعل - إلا ان أعضاء لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب وجهوا انتقادات شديدة لعمليات التسوية التي تتم بالغرف المغلقة.. مؤكدين علي ضرورة موافاة اللجنة بكافة المستندات والعقود الأصلية للوقوف عليها خاصة وان هذه الشركات يمكن أن تضيف مليارات الجنيهات للخزانة العامة للدولة بعد إجراء المصالحات. طالب بضرورة أن تكون لجنة فض المنازعات متوازنة بحيث تضم ممثلين من الحكومة ومجلس الشعب والمستثمرين ومؤسسات المجتمع المدني من أجل ضمان الحيادية في اتخاذ القرار.. بالاضافة إلي أهمية إعلان تفاصيل التفاوض.. مؤكدين ان محاولة الدولة التسوية مع المستثمرين بعيدا عن المعايير الموضوعية تعد محاولة لإعادة سياسة الخصخصة.