رب ضارة نافعة. فقد تكون الأحداث الساخنة والمؤسفة التي شهدتها البلاد مؤخرا سواء علي الصعيد الأمني أو السياسي سببا في إدراك المجتمع لأهمية وجود رئيس قوي بكامل الصلاحيات وليس مجرد موف كما قال د.عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح للرئاسة الذي حاول توصيل رسالة للناخبين مفادها أن زمن حكم الفرد قد انتهي. بعد الثورة وفي فورة الغضب والسخط علي النام السابق اتفقنا جميعا سواء النخب أو الشعب علي ضرورة تقليص الامتيازات والسلطات الواسعة التي يتمتع بها الرئيس كرد فعل تلقائي لما عانت منه البلاد من لم وفساد طال كل شيء إلا أن الواقع المعاش يفرض علينا إعادة النر في طريقة تفكيرنا فالحاكم الضعيف فتنة كما يقولون. المشهد السياسي مرتبك وملتبس وفي حالة من الضبابية الشديدة فما حدث في العباسية من مواجهات دامية كان من الممكن أن تقود البلاد إلي كارثة حقيقية..والصراع يحتدم بين البرلمان والحكومة..والخلافات بين التيارات السياسية تسير من سييء إلي أسوأ مع صعوبة الوصول إلي حلول وسط يقبلها الفرقاء. كل هذا يجعلنا نتخوف ونضع أيدينا علي قلوبنا خشية تآمر أصحاب المصالح علي حساب الشعب أو عقد صفقة مشبوهة في جنح اللام لتعطيل وضع الدستور الجديد من أجل الوصول إلي رئيس بلا أي اختصاصات أو تأجيل الانتخابات إلي أجل غير مسمي. وهو أمر تسعي فصائل بعينها إلي تحقيقه من خلال دفع البلاد إلي دوامة من العنف والفوضي تصل بنا في النهاية إلي هذا الحل الإجباري. ليس عيبا أن نتراجع ونعيد النر فيما سبق أن اتفقنا عليه إذا كان الصالح العام يقتضي ذلك فالأوضاع بالبلاد لا يمكن أن تستقيم في وجود موف علي درجة رئيس يقتصر دوره علي التشريفات واللقاءات البروتوكولية أو استقبال ووداع رؤساء الدول الأخري بينما نعهد بإدارة البلاد إلي سلطات متصارعة لا تتفق علي شيء غير إشاعة مناخ الفوضي وتعطيل مصالح الناس. مصر دولة محورية لها ثقلها علي المستويين الإقليمي والدولي وتحتاج رئيسا حقيقيا يستطيع إعادة الأمور إلي نصابها إذا تحكمت الأهواء في القائمين علي السلطات والأجهزة المسئولة كلهم أو بعضهم بشرط ألا نترك له الحبل علي الغارب ليتحول إلي فرعون جديد. نحتاج رئيسا قويا يعيد التوافق والتعاون إلي مؤسسات الدولة ويعطي الأمل للشعب الذي قام بثورة للتغيير نحو الأفضل وليس من أجل أن يعيش حالة الثورة إلي الأبد. أما فكرة الرئيس الموف فيمكن تحقيقها علي المدي البعيد عندما نعيد هيكلة مؤسسات الدولة ونضعها علي الطريق الصحيح وهذا يحتاج سنوات طويلة من العمل الجاد والمتواصل. * * * التصرفات المتهورة والأفكار الصادمة لبعض المحسوبين علي تيار الإسلام السياسي تمثل دعاية مباشرة ومجانية لليبراليين خاصة وللقوي المدنية علي وجه العموم.. الناس زهقت من مشايخ الفتنة الذين يشعلونها نارا ستطول الجميع لمجرد أن يحصلوا علي جزء من الغنائم.. بئست الصفقة وبئس الثمن. * * * يقول علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه: إذا تفقه لغير الدين. وتعلم العلم لغير العمل والتمست الدنيا بعمل الآخرة فهذا من علامات هلاك الأمة.