رفض علماء الدين وخبراء الاتصالات فكرة حجب المواقع الإباحية علي شبكة المعلومات الدولية خاصة بعد أن أكد المتخصصون أن تكلفة غلق هذه المواقع سوف تكون ما بين 70 إلي 100 مليون جنيه وبعدها يمكن اختراقها مرة أخري بوسائل رخيصة سوف تكون في متناول الجميع. أكد العلماء أن الخوف من الله وزيادة جرعة الوازع الديني ورقابة الإنسان علي ذاته بالضمير الإنساني الذي جعله الله صوتا إلهيا ينبه الإنسان عند ارتكاب الخطأ أفضل الوسائل لعدم مشاهدة هذه المواقع. دعا العلماء إلي معايشة المجتمع لفقه الواقع فهناك مطالب عاجلة تبحث عن حلول سريعة يجب أن يعمل البرلمان علي حلها وتأجيل المشاريع الأخري لحين تحسن الاقتصاد المصري وبالتالي يمكن النظر في أي قضايا أخري. كان عدد من أعضاء مجلس الشعب قد تقدموا بطلب إحاطة لحجب المواقع الإباحية من علي شبكة المعلومات الدولية وذلك بتكلفة 100 مليون جنيه حتي يتم تنفيذ قرار الغلق. يقول د. أحمد محمود كريمة استاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: من المقرر شرعا ان دفع المفاسد مقدم علي جلب المصالح بمعني أن علي المجتمع بمؤسساته العلمية والدعوية والثقافية مجتمعة أن تتكاتف لنشر الفضائل ومواجهة الرذائل قال الله عز وجل: "وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان". اضاف د. كريمة ان المجتمع في مؤسساته الحاكمة يجب معالجة كل وسائل الانحراف.. فقد نفي أمير المؤمنين سيدنا عمر رضي الله عنه شابا من المسلمين يدعي نصر بن عاصم وكان وسيما بعدما سمع عمر أن نسوة يتغزلن بجماله فأمره في البداية بأن يلبس العمامة فازداد جمالا فأمره بأن يحلق شعر رأسه فازداد حسنا فلم يجد مفرا من إبعاده عن المدينة تصديقا لقاعدة "المصلحة العامة تقدم علي المصلحة الخاصة". ومن هنا فإن السعي لإغلاق المواقع الإباحية وإن كانت من الواجبات الشرعية إلا أننا نريد أن يكون الاغلاق بالوازع الديني النابع من النفس اللوامة في المسلم التقي النقي. والإنسان السوي مسلم أو غير مسلم بدلا من قرار سيادي سيلتف عليه من يلتف.. فلو أننا أجرينا توعية دعوية سليمة بغض البصر ومراقبة الله تعالي وتعظيم الحرمات وتذكرة إعلامية متوازنة وقامت الأسرة بواجبها في التربية والمتابعة وطبقنا "كلكم راع وكل مسئول عن رعيته". أكد د. كريمة أنه لا قيمة بالحجب الرسمي دون الوازع الديني.. والأموال والرسوم أولي بها بها تنشيط العمل الدعوي والعلمي من الدعاة الراسخين هذا أجدي وأنفع لأن خطوات الشيطان كثيرة فلو حجبت المواقع الإباحية من سماء مصر فماذا عن غيرها؟ فمن السهل الحصول عليها من غير مصر وبهذا نكون قد عالجنا السطح والشكل وتركنا العمق والموضوع.. فالجدية في هذه المعالجة الوازع الديني ولا خوف بوجود مواقع. قال الحكيم: "عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر حري أن يقع فيه". مطالب عاجلة الدكتور عبدالغفار هلال عميد كلية اللغة العربية الأسبق بجامعة الأزهر يري أن هناك مطالب عاجلة يجب أن ينظر إليها أعضاء مجلس الشعب فهناك آلاف بل ملايين من الأسر يسكنون المقابر وهناك ملايين يعانون من أمراض مختلفة ولا يجدون العلاج بالاضافة إلي تفشي حالة الفقر وانتشار ظاهرة أطفال الشوارع في كل مكان كل ذلك يجب أن ينظر إليه البرلمان فيسن القوانين التي تنقذ هؤلاء من المعاناة التي يعيشون فيها. أكد د. هلال ان رقابة الإنسان علي ذاته والتحكم في مشاعره وعواطفه لن تأتي إلا بالوازع الديني الذي يجب أن يتحلي به الإنسان فقد مر النبي صلي الله عليه وسلم علي رجل يعظ أخاه في الحياء فقال له دعه فإن الحياء من الإيمان. قال إن هناك قاعدة فقهية تقول إن دفع المفاسد مقدم علي جلب المصالح وهناك مطالب عاجلة لابد أن تفرض نفسها علي المطالب الآجلة.. فيجب أن ينشغل الناس بفقه الواقع ويعيشوا مشاكل الناس علي الطبيعة ويعملوا علي حلها بدلا من انفاق أموال طائلة علي حجب هذه المواقع في الوقت الذي يعاني فيه المجتمع من مشاكل مستعصية تبحث عن حلول منذ قديم الزمان وفي مقدمتها البطالة التي يعاني منها الشباب.. فما المانع من تخصيص مبلغ ال 100 مليون جنيه التي قال عنها خبراء الاتصالات انها تكلفة حجب المواقع علي الانترنت للشباب كي يتم توفير وظائف لهم. قال د. هلال إن مسئولية الدولة تتركز علي توعية الناس بخطورة مشاهدة هذه المواقع.. فعلماء الدين مسئوليتهم في التوعية سواء بالمساجد أو دروس العلم أو في المدارس والجامعات.. كما أن المدارس والجامعات تقع عليها مسئولية تعليمية للتوعية وقبل كل هذا وذاك الأسرة التي تقع عليها المسئولية الكبري سواء بتوعية الأب والأم لابنهما أو بنتهما ومراقبتهما وعدم إتاحة الفرصة لهم بالجلوس كثيرا علي الانترنت أو امام التليفزيون في ظل وجود العديد من الأقمار الصناعية التي تبث قنوات عديدة تحتوي علي هذه السلوكيات. لا تغيير للسلوك الدكتور أحمد البحيري استشاري الطب النفسي يؤكد أن حجب هذه المواقع لن يغير من سلوك الأفراد لأنه ثبت علميا أن القرارات الإدارية لا تأتي بنتيجة مقنعة.. فالأولي أن تكون هناك برامج توعية للتحذير من خطورة مشاهدة هذه المواقع نفسيا واجتماعيا لأن التمادي في استمرار مشاهدتها سوف يكون سببا في فشل حياة الشاب أو الفتاة الزوجية فيما بعد بالاضافة إلي الإصابة بالشك والغيرة في كل شيء حوله لأنه سوف يفقد ثقته في الآخرين من حوله. اضاف د. البحيري أن حجب هذه المواقع علي الانترنت بالقانون ليس مقياسا لتقدم الأمم.. فالتقدم يكون بالانتاج والعمل والثقافة وليس بسن قانون يمنع أو يعاقب كل من يشاهد شيئا غير مرغوب فيه حتي لو كان هذا الشيء إباحيا.. فالقاعدة الاجتماعية تؤكد ان الشيء الممنوع مرغوب وبهذا سوف يتفنن كل شخص في اللجوء لأي وسيلة أخري لمشاهدة مواقع بديلة خاصة في ظل التقدم التكنولوجي والثورة المعلوماتية التي فرضت نفسها في السنوات الأخيرة. فالأمر لم يقتصر علي الانترنت فقط بل هناك وسائل أخري يستطيع الشاب أن ينفذ من خلالها لاشباع رغباته الجنسية. أكد د. البحيري ان القوانين لن تغير من سلوك الناس إلا إذا أصبحوا مقتنعين بهذا التغيير لكن طالما لم يقتنع الناس بشيء سيظلون يمارسون هذا السلوك حتي لو سنت الدولة مئات القوانين. 100 مليون جنيه المهندس أحمد حلمي مسئول الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أكد في مؤتمر القاهرة الدولي للاتصالات مؤخرا أن التكلفة المبدئية التي تتحملها الدولة لحجب المواقع الإباحية علي شبكة الانترنت تتراوح ما بين 70 إلي 100 مليون جنيه مصري. حذر المهندس حلمي من أن هذه الأموال سوف تضيع هباءً خاصة انه لن يمر أكثر من ثلاثة شهور علي حجب المواقع الالكترونية الإباحية علي الانترنت وسيتم اختراق هذه المواقع مجددا بواسطة وسائل فنية زهيدة للغاية سوف تكون تكلفتها متاحة لأي شاب أو فتاة لاختراق المواقع الإباحية وبالتالي فإن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات سوف يقف علي مسافة متشاوية بين كافة الأطراف في مصر سواء الراغبة في حجب المواقع الإباحية أو عدم حجبها.. مؤكدا أنه لو صدر تشريع من مجلس الشعب بحجبها سيقوم الجهاز بإعداد الوسائل التنظيمية للحجب وتتحمل الدولة بعد ذلك مسئولية هذه الأموال المهدرة..