أزمة المحامي أحمد الجيزاوي المعتقل في السعودية بما يحيطها من ضباب كثيف.. تتحمل وزرها من الألف إلي الياء وزارة الخارجية المصرية وسفارتها بالرياض وقنصليتها في جدة ولا أحملها لأحد آخر. لقد بنيت رأيي هذا علي عبارة قالها السفير السعودي بالقاهرة أحمد عبدالعزيز قطان في سياق بيانه الصحفي حول ملابسات الأزمة وهي عبارة لم تنفها الخارجية المصرية مما يقطع بصحتها. قال قطان بعد ان ذكر ان الجيزاوي لم يعتقل بسبب عيبه في الذات الملكية ولكن بعد ضبطه في مطار جدة ومعه حبوب مخدرة: "انه تم اخطار السفارة المصرية بالرياض بكافة تفاصيل الواقعة"!! وهذا ليس تأييداً أو اقتناعاً بتهمة المخدرات. المحامي المصري تم ضبطه يوم الثلاثاء قبل الماضي واستناداً إلي كلام السفير السعودي الصادر بعد اسبوع كامل من الواقعة فان سفارتنا بالرياض أخطرت بالواقعة في حينه وسكتت طوال الاسبوع ولم تفعل شيئاً وتركت الناس تغلي مما فتح الابواب علي مصاريعها لاجتهادات وتفسيرات وروايات كثيرة خلقت حالة من الاحتقان في مصر. سكوت السفارة جعل الواقعة مسكوتا عنها رسمياً لمدة أسبوع بل ان البيانات المصرية الرسمية كانت تنفي علم السلطات بواقعة الاعتقال أصلاً وان الخارجية ستبحث الموضوع وهو ما كذبه السفير السعودي في تصريحه وبصراحة. وسكوت السفارة كان ايذاناً بتحرك شعبي واسع ووجدنا أنفسنا أمام عشرة سيناريوهات تصاعدية: * الأول.. ان الجيزاوي اعتقل بسبب أقواله عن السعودية أمام احدي المحاكم المصرية.. وهذا هو الأوقع والأقرب للتصديق. * الثاني.. ان الجيزاوي صدر ضده حكم سعودي بالحبس شهراً والجلد 20 جلدة عقاباً له علي "العيب في الذات الملكية"!! * الثالث.. ان الجيزاوي ضبطت معه حبوب مخدرة أخفاها في علب لبن الأطفال.. وفق البيان السعودي الذي أشك فيه. * الرابع.. جاء علي لسان زوجة الجيزاوي بعد بيان سفير السعودية مباشرة.. قالت ان زوجها لم يتم تفتيشه أصلاً وانه اعتقل أمام الجوازات في مطار جدة. * الخامس.. ان الجيزاوي تم نقله من المطار إلي جهة غير معلومة!! * السادس.. علي لسان السفير السعودي ان الجيزاوي تم تسليمه ومعه المضبوطات إلي هيئة مكافحة المخدرات التي أحالته لهيئة التحقيق والادعاء العام.. وان أنظمة وقوانين المملكة لا تجيز بأي حال محاسبة شخص غير سعودي علي أي أعمال ارتكبها خارج أراضيها وان المملكة كان بامكانها وضع اسمه علي قوائم الممنوعين من الدخول لو كانت ترغب في عدم دخوله.. يا سعادة السفير كلنا مقتنعون بان الأزمة سياسية وليست جنائية ولابد ان يكون لها حل. * السابع.. عبارة عن تصريح أو بشري بشرنا بها سفيرنا بالرياض بعد اسبوع من الواقعة بأنهم "عرفوا" مكان الجيزاوي صح النوم يا سعادة السفير!! * الثامن.. خروج تصريحات غير مسئولة من البعض تقول ان الجيزاوي اذا جلد فسوف يتم جلد السفير السعودي هنا بالقاهرة ثم تدافع المتظاهرون لحصار السفارة السعودية رافعين الأحذية لقوات الأمن!! * التاسع.. وفي اطار الدعاية الانتخابية قال حمدين صباحي المرشح للرئاسة.. انه لو كان رئيساً لأرسل طائرة بها وزير الخارجية وأحضر الجيزاوي فوراً!! كيف؟ لا أدري!! * العاشر.. وفي اطار نفس الدعاية أعلن عمرو موسي المرشح للرئاسة بأنه تلقي اتصالا من الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الذي وعده بحل الأزمة. انني كمصري.. أريد عودة المحامي أحمد الجيزاوي دون ان تمسه اهانة واحدة اليوم قبل الغد.. وكان يمكن عودته فعلاً ربما في نفس يوم اعتقاله لو ان سفارتنا بالرياض تحركت وأدت واجبها تجاه رعاياها وتحركت أيضاً الخارجية فورا.. والأهم ان يتم الاعلان عن كل ذلك بصراحة ووضوح حتي يعلم الشعب بالحقائق وتغلق أبواب الاجتهادات والفتنة فنحن نرفض التطاول علي خادم الحرمين أو السعودية وشعبها ونرفض ظلم أي مصري أو إهانته. للأسف.. نحن لم ولا نتعلم من أخطائنا. هل نسيتم مباراة مصر والجزائر وتوابعها الخطيرة علي الشعبين المصري والجزائري؟ ان الحقائق لم تظهر الا بعد ان وصل الشعبان إلي طريق مسدود وملغوم! وهل نسيتم حكاية الطفل البحريني الذي أجبرته مدرسته الشيعية علي تقبيل قدمها عدة شهور وقيل انه مصري وغلي الدم في عروق المصريين وأخذ الكل "يخبط" هنا وهناك ثم اتضح في النهاية ان الطفل بحريني.. يا سادة.. ما هكذا تدار الامور بين الشعوب والدول أين المعلومات الصحيحة؟ أين الحقائق بشفافية؟ أين مقومات أي عمل تنفيذي؟ للأسف.. نفس الفكر والاسلوب والتعتيم والتقاعس والبيروقراطية وأيضاً نفس الاهمال الجسيم.. مفيش فايدة. حفظ الله مصر وشعبها.