المتابع لمليونية "تقرير المصير". يستطيع وبسهولة أن يقرأ فيها الكثير سواء في خطوطها المتوازية أو المتقاطعة أو حتي العكسية. * أولاً.. أن القوي الثورية الليبرالية كان كل همها تحقيق جميع أهداف الثورة وعدم اختطاف ثورتهم أو تغيير مسارها أو اللعب علي أوتارها من كائن من كان.. سواء ممن يدعون أنهم أصحاب الثورة ومفجروها والمشاركون فيها علي غير الواقع. أو من الثورة المضادة. * ثانياً.. أن هذا الهم إذا كان قد تطابق أو توازي إلي حد ما مع المفردات التي رفعها التيار الإسلامي.. فإن ذلك لا يعني أبداً أن الفريقين "إيد في إيد" أو في خندق واحد بل جمعهما في ميدان واحد مطالب ومخاوف مشتركة ولكن باعدت بينهما دوافع المطالب والمخاوف. * ثالثاً.. أن التيار الإسلامي شارك في المليونية وله هدفان: الأول ظاهر وهو المناداة بمطالب بعضها متفق عليه وحجتهم الظاهرة. في ذلك إنقاذ الثورة وعدم سرقتها رغم أن هذا التيار هو أول من سرق الثورة وثمارها. والثاني موجود بداخلهم هم فقط وهو استعادة الأرض التي فرطوا فيها بأطماعهم والثقة التي فقدوها بسبب تكالبهم علي خطف مؤسسات الدولة وذلك كخطوة أولي في رحلة السيطرة والاستحواذ علي الحكم وليقينهم بأن هذه السيطرة وذاك الاستحواذ لن يكتب لهما النجاح إلا بعد استقطاب القوي الثورية من جديد وإدخالها في خندقهم حتي لا تحدث قلاقل أو مواجهات هم في غني عنها الآن.. إضافة إلي تسويق مطالبهم الخاصة بهم. * رابعاً.. أن القوي الثورية نتيجة لتعاملات 14 شهراً مع التيار الإسلامي عامة والإخوان خاصة وتخاذل هذا التيار مع تلك القوي بل وانقلابه عليها تحت شعار "الشرعية للبرلمان وليست للميدان" تعلم جيداً أن هذا التيار لا أمان له وأنه عاد للميدان لتحقيق أغراضه وأطماعه وتبييض صورته الشائهة ويحاول أن يتخذ من الثوار الحقيقيين "مطية" لاسترداد ما فقده مثلما اتخذ الثورة نفسها مطية للوصول إلي البرلمان ومنه لسدة الحكم. لذا.. وجدنا مثلاً مسيرة 6 أبريل القادمة من شبرا يرفض شبابها أن ينضم إليهم الإخوان. ونفس الشيء في مسيرة الألتراس الذين رفضوا أن يشاركهم الإخوان وبالتالي انفصلت المسيرتان عن مسيرة الإخوان في رسالة واضحة ومباشرة ومحددة المعاني بأن أحداً لم يعد ينخدع بهؤلاء مهما غيروا جلدهم وأظهروا الملمس الناعم.. فتحت الجلد الجديد والملمس الناعم نار جهنم وسم زعاف وأنياب حادة. * خامساً.. أن الشعارات التي أطلقها الإخوان والسلفيون في التحرير وفي باقي الميادين انحصرت في ضرورة إلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري. وإعادة حازم أبوإسماعيل لسباق الانتخابات الرئاسية. وتنحي اللجنة العليا للانتخابات وأن تكون الانتخابات تحت إشراف المجلس الأعلي للقضاء. وإسقاط المجلس العسكري. وأن يتولي رئيس مجلس الشعب حكم البلاد. وتشكيل حكومة ثورة. وعدم ترشيح رموز النظام السابق. طبعاً.. فإن كل شعار أو طلب وراءه مطمع للإخوان والسلفيين.. والاثنان يعلمان علم اليقين أن كل هذه المطالب لن تتحقق إما لأنها غير قانونية أو لأن الوقت المتبقي علي تسليم السلطة لا يسمح بتغيير سلطة الإدارة والحكومة. أما شعارات القوي الثورية الليبرالية لحماية الثورة والقصاص لدم الشهداء وتسليم السلطة في موعدها.. فهي مطالب لا يختلف عليها اثنان. إن الإخوان وأنصار أبوإسماعيل أرادوا بشعاراتهم ومطالبهم المرفوضة شن حرب استباقية حتي لا تزيد الخسائر خاصة أن هناك في الأفق ما ينبئ بحل البرلمان نفسه نقطة الانطلاق في ماراثون السيطرة والاستحواذ.. وإذا تم حل البرلمان فعلاً وهذا وارد فلن تكون هناك انتخابات رئآسية وسنعود تلقائياً إلي المربع "صفر". هذا ما يرعب التيار الإسلامي.. ولذا يحاول اتباعه إقامة سدود تحول دون الوصول إلي هذه الخطوة التي سيفقدون فيها كل ما حققوه ومستحيل أن يحققوا "ربعه" في المستقبل. عموماً.. رب ضارة نافعة.. المليونية بعثت برسالة قوية لكل من يهمه الأمر تؤكد أن الثورة لم تمت ولن تموت. وكشفت عما في الصدور وما تخفيه الأنفس التي لا تريد أن تتغير وتصر علي المتاجرة بالثورة والثوار.