في يوم اليتيم تباري الرحماء والمحبون للخير لإدخال السرور والبهجة علي اليتامي خاصة المقيمين في دور الرعاية ولكن حتي يكون احتفالنا بهم ايجابيا هادفا يخدمهم علي مدار السنة لابد أن ندرس مشاكلهم ليست المادية فقط بل التربوية والنفسية التي تساهم عن غير قصد وبحسن نية. في استفحاله عاما بعد آخر ففكرة الأم البديلة لم ينتبه أحد إلي أنها تذيفة مرارة اليتم أكثر من مرة عندما تصر علي أن تعتبر المربية أو المشرفة أماً له ثم تضطرها ظروفها الشخصية لتركه فيتجدد لديه الشعور باليتم وعندما ابتدعت بعض الجمعيات نظام الأخ الكبير من متطوعي الجامعات ليعاون الأطفال في مذاكرة دروسهم جعلتهم يتعلقون به بشدة لدرجة أن بعضهم يؤجل أي عمل لحين حضوره فنعودهم علي الإتكالية ثم يأتي حتما اليوم الذي يختفي من حياتهم لنعمق بداخلهم الشعور بعدم الأمان لأنهم يفتقدون الاستمرارية والاستقرار في العلاقات الحميمة فينعكس ذلك علي كل أمورهم. كذلك فكرة دعوة الأفراد لزيارة أطفال الدور ومنحهم هدايا تفتقر للضوابط التي تحافظ علي مشاعرهم فكثيراً ما يختص الزائر طفلاً بهداياه دون الباقين فيشعرون بالغيرة والتفرقة وينمي لديهم العدوانية. المشكلة الكبري في فكرة استضافة الأسر لليتامي يوماً أو أكثر في الشهر بين أولادهم فتعطية فرصة المقارنة بين الدفء الأسري الحقيقي والدفء المزيف في دار واسعة كل شيء فيها علي المشاع فيحدث بداخله فجوة أو جرح يصعب الالتئام. الحل ببساطة أن نسمي الأشياء بمسمياتها فالمشرفة مربية والمتطوع مدرس كلاهما يؤدي دوراً بالنسبة له هنا يقبل فكرة اختفائهما المؤقت أو الدائم من حياته بسهولة. أما من يريد استضافة طفل في بيته فعليه أن يعتبره ابناً له مقيماً معه اقامة دائمة بالضوابط الشرعية والقانونية. فالرعاية النفسية لليتيم أهم كثير من توفير المأكل والمشرب له أو حتي تأمين مستقبله لأننا إذا نجحنا في بنائه نفسيا بناء سليماً علي الاعتماد علي نفسه وتفجر محنته بداخله طاقات إبداعية ليثبت ذاته. لابد أن يتم عمل دورات تدريبية نفسية واجتماعية لكل المتعاونين مع هؤلاء الأطفال لتربيتهم تربية سليمة فمن أحيا نفساً كأنما أحيا الناس جميعاً والحياة الحقيقية هي التي تصنع شخصية سوية وقوية.