رحم الله تعالي شاعرنا العبقري الراحل "أمل دنقل" الذي أنذرنا منذ عشرات السنين بأن خلف كل قيصر يموت أو يقتل أو يهرب أو يسجن "قيصراً جديداً" وكأن تلك سُنة أو قاعدة يعتبر الخروج عليها محض استثناء ليس إلا. وهذا بالتحديد هو ما نشاهده عياناً بياناً فيما يحدث بعد ثورة 25 يناير حيث نشط كثير من الجهات في محاولة مستميتة تكاد تنجح في تصنيع قيصر جديد بما في ذلك بعض الجهات التي شاركت في الثورة. خاصة أن القوي الثورية التي تحرص علي عدم تنصيب قيصر جديد قد أثبتت بفعل كثير من العوامل انها فعلاً أضعف من قلب هذه السنة غير الحميدة رأساً علي عقب. انظروا أيها السادة إلي ما يكتب أو يقال أو يسمع من هذا أو ذاك عن المرشح العلاني أو المرشح الفلاني لمنصب رئيس الجمهورية. لتتأكدوا ان قطاعات عريضة من هذه الجماهير التي يفترض أنها جماهير الثورة هي التي تؤله هؤلأ البشر الخطائين وتحولهم إلي طغاة ثم تعود فتشتكي وتولول من طغيانهم.. فها هم أنصار خيرت الشاطر يصفونه بأنه "يوسف الثاني" الذي سينقذ مصر باعتبار أن سيدنا يوسف بن يعقوب هو الأول. لقد رفعوه إلي رتبة الأنبياء. وها هم أنصار حازم صلاح أبوإسماعيل يصفونه بأنه "أمة" وهو الوصف الذي أطلقه القرآن الكريم علي أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه وعلي جميع أنبياء الله ورسله الصلاة والسلام!! ورغم أن هذا وذاك لديهما مشكلات قانونية ربما لا تسمح بقبول ترشحهما لهذا المنصب الرفيع إلا أن أنصار الأول يقولون إن هذا لو حدث فلسوف يكون انقلاباً علي الثورة التي كانوا هم أول من انقلب عليها ويهددون بالويل والثبور لو حدث ذلك بينما كان الفريق الثاني أكثر تطرفاً حيث رفعوا شعار "مبايعة الشيخ علي الدم" ويهددون بحرب أهلية. مشيرين إلي مؤامرة "كونية" أي والله مؤامرة كونية لمنع مرشحهم من الفوز بمنصب رئيس الجمهورية لأنه في زعمهم قادر علي تغيير وجه التاريخ في العالم أجمع!! والغريب أن الفريقين معترفان ضمنياً بهذه المشكلات القانونية بدليل دفعهم بمرشحين آخرين علي سبيل الاحتياط والسؤال الذي يطرحه هذا الموقف هو: هل يعتقد الإخوان أن محمد مرسي هو يوسف ثالث أيضاً وهل يعتقد السلفيون أن عبدالله الأشعل هو الرجل الأمة الذي سيغير وجه التاريخ كذلك. أم أن المهم هو الفوز بالكرسي حتي لا يكون هناك تهديد لهم بحل مجلسي الشعب والشوري وبالتالي لجنة وضع الدستور الذين يصرون علي الانفراد بها مع وجود بعض الوجوه الأخري التي تمثل دور الكومبارس في هذا الفيلم الردئ الذي يعف عن تأليفه وإخراجه وتمثيله أي من الهنود الحمر مع الاعتذار لحضارتهم البائدة.. ولا شك أن الأطراف الأخري كالمجلس العسكري والفلول وقوي الثورة المتشرذمة المنقسمة علي نفسها بسبب "الشخصنة" و"النفسنة" وخلافه من الأمراض التي ورثوها من النظام القديم المتجدد. مسئولة مسئولية مباشرة عن صعود القيصر الجديد ولا أمل لنا نحن الشعب إلا في انتظار الثورة الجديدة وكل ثورة وأنتم طيبون!!