المفترض ان تنعقد القمة العربية في بغداد يوم التاسع والعشرين من الشهر الحالي أي بعد عدة ايام لا غير فهل ستكون هذه القمة قمة فعلا وما فائدتها للعرب وسط الظروف المحلية والاقليمية والدولية التي نعيشها الآن؟ تعالوا بنا نتوقف قليلا لدي البلد المضيف ذاته. أي العراق وخاصة ان توقيت القمة هذه يتزامن مع الذكري التاسعة لاحتلال العراق ذلك الاحتلال الذي لاتزال آثاره واضحة جدا علي العراق نفسه وعلي الاقليم وربما العالم كله. تؤكد كافة الاحداث ان العراق لايزال غارقا في الخلافات والصراعات المسلحة أحيانا بين كافة اطياف الفرقاء العراقيين وخاصة ان نوري المالكي لم يستطع حتي الآن تنفيذ ولو نسبة صغيرة من مشروع المصالحة الوطنية الذي اطلقه منذ سنوات بل ان العكس قد يكون صحيحا حيث زادت الخلافات والصراعات بما فيها تلك الصراعات المسلحة عن فترات سابقة والدليل تلك التفجيرات التي شهدتها العراق مؤخرا والتي اتهمت فيها كل الاطراف الداخلية بما فيها نوري المالكي نفسه والخارجية كايران وغيرها وهو ما يعني ان الأمن فضلا عن السياسة والاقتصاد محل شك كبير رغم التصريحات الكثيرة التي تؤكد الانتهاء من تأمين مقر القمة وأماكن نزول المؤتمرين بالمنطقة الخضراء وكذلك الممر الذي سيسلكه المشاركون في القمة من المطارات إلي محل اقامتهم أو مقر القمة. لا شك ان المالكي وحكومته تترقب انعقاد هذه القمة علي اعتبارها شهادة من القادة العرب أو ممثليهم علي استقرار العراق نسبيا أمام العالم والتأكيد علي عودة العراق للعرب وكلاعب ذي دور في الاقليم فهل يمكن القفز علي الحقائق التي اشرنا لبعضها في السطور السابقة ثم هل يمكن ان يكون ذلك هو الباب الملكي لعودة العراق إلي العرب وللعب دور في الاقليم؟ اعتقد ان الاجابة عن السؤال الأول واضحة تماما ولا نحتاج إلي تسجيل بالكلمات أما الاجابة عن السؤال الثاني فتجرنا جرا إلي السؤال عن حجم ونوع المشاركة في هذه القمة علي المستوي العربي وسط الظروف التي يشهدها وطننا العربي حاليا. المعلن حتي الآن ان كثيرا من قادة الدول العربية الكبري والاساسية كمصر وسوريا والسعودية والمغرب لن يحضروا هذه القمة كل لأسبابه وان كثيرا من قادة الدول الاخري سيشاركون في أعمال القمة لديهم ما دفعهم للحضور كفرصة لتسوية بعض المسائل الثنائية المتعلقة بالعراق كالكويت ولبنان وغيرهما. معني هذا ان اقل من نصف القادة العرب أو النصف أو أكثر بقليل هم الذين سيحضرون ربما 14 قائدا عربيا بالاضافة إلي قادة الدول الاخري الاصغر حجما وتأثيرا في القرار العربي إذا كان هناك قرارات عربية يمكن ان يكون لها تأثير علي مجريات الأمور فعلا فهل هذه المظاهرة الصغيرة يمكن تسميتها قمة؟ ثم ان الجامعة العربية ذاتها باعتبارها المؤسسة التي ستعقد هذه القمة تحت رايتها قد صار حالها لا يسر احدا من العرب المتمسكين بدولتهم فعلا وان كان يسر اعداء الوطن العربي بكل تأكيد. لقد ثبت بألف دليل ودليل ان الجامعة العربية لم تستطع ان تتعامل مع أي من القضايا العربية وخاصة في ظل ما سمي بالربيع العربي كما هو الأمر بالنسبة للقضايا العربية السابقة علي ذلك بما يثبت انها فاعلة في أي من الأمور حيث اقتصر دورها في الفترة الاخيرة علي اضفاء الشرعية علي بعض القرارات التي اتخذتها مجموعة من الدول العربية مثل مجلس التعاون الخليجي مسبقا أو علي دور المحولجي لمجلس الأمن لاعطاء قراراتها نوعا من الشرعية الدولية الموهومة والتي لا تعمل إلا لحساب مصالح الدول المتحكمة فيها أو حلفائها بالمنطقة. لم تفعل الجامعة والقمم العربية شيئا ذا قيمة في العراق قبل وبعد الغزو الأمريكي عام 2003 ولم تفعل الجامعة العربية شيئا ذا قيمة في الدول التي شهدت ثورات خلال الفترة السابقة لا في تونس ولا في ليبيا ولا في مصر ولا في اليمن ولا في سوريا اللهم إلا إذا كان تحويل قضية ليبيا لمجلس الأمن الذي أقر التدخل العسكري فيها وهو ما تجني ليبيا الآن ثماره المرة وكذلك الأمر بالنسبة لما يجري في بقية الدول العربية خاصة سوريا والعراق حاليا حيث تحاول التدخل في الأولي بخطط مشبوهة وتترك الثانية لمصيرها ثم تولول لاحتمال تقسيم البلدين أو خروجهما من الصف العربي. ان وضع العراق فيما نري لا يسمح بانعقاد هذه القمة فضلا عن ان يكون لانعقادها علي هذا المستوي المتردي فاعلية ووضع الدول العربية الآن وخاصة الكبيرة منها لا يسمح هو الآخر بانعقادها أو ان يكون لها تأثير علي مجريات الأمور والجامعة العربية التي لم تستطع حل مشكلة دولة متوسطة كالصومال منذ بداية التسعينيات ولم تكن الأوضاع قد ساءت إلي هذه الدرجة هي بدون شك اضعف الآن من حل أي مشكلة تتعرض لها أي دولة عربية وخاصة بعدما بات الاستقطاب بين الدول العربية علي اشده كما بات واضحا ان كثيرا من هذه الدول تخدم اجندات قطرية واقليمية ودولية تخصها وتخص اطرافا اخري غير عربية ولو علي حساب دول عربية اخري. ان هذه القمة فيما نري ليست سوي محاولة بائسة لاعلان استمرار الوجود ايا كان حجمه ونوعه وتأثيره بدرجة ربما تفقد الجامعة العربية ومؤسساتها الرئيسية المسماة بالقمة كثيرا من مصداقيتها ان كان قد بقي لها أي قدر من المصداقية لسبب بسيط جدا هو انه لن يكون بامكانها في هذه الظروف اتخاذ أي قرارات جوهرية تتعلق بمجمل العمل العربي ولا حتي بأي من الدول العربية وبالتالي فالسؤال الآن هو لماذا تنعقد هذه القمة وهل هي قمة فعلا؟ دعونا ننتظر فربما تكون قراءتنا للمشهد الحالي غير دقيقة أو غير صحيحة بالمرة وخاصة انه لم يبق سوي ايام معدودة علي انعقاد هذه القمة وانتهائها وساعتها ننظر في شأنها علي ضوء ما سيحدث فيها أو لها أو منها!!