لا نتدخل في الشئون الداخلية للشقيقة المملكة العربية السعودية ولا يصح لأحد أياً كان أن يتدخل فيها.. فكل بلد له سيادته علي أرضه وشئون شعبه طبقاً للمواثيق والأعراف الدولية. لكن عندما يتعلق الأمر بمواطن أجنبي عن البلد.. وأخص هنا مواطنا مصريا يتم إعدامه قصاصاً لقيامه بقتل مواطن سعودي.. فلا تعقيب علي الحكم.. ولكن من حقنا أن نسأل ونتساءل حول مجريات المحاكمة التي سبقت إصدار الحكم. لقد أصدرت وزارة الداخلية السعودية بياناً حول واقعة تنفيذ حكم الاعدام "ضرباً بالسيف لرقبة المواطن المصري نبيل سمير علي عطوة" لقيامه بقتل المواطن السعودي عبدالله بن ناصر محمد البحيري عن طريق ضربه بمطرقة حديد علي رأسه بسبب خلاف مالي بينهما. وجاء في البيان أن حكم الاعدام علي المواطن المصري إنما تم قصاصاً طبقاً لشرع الله "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلي". "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب". وحذرت الوزارة في البيان كل من تسول له نفسه الإقدام علي مثل ذلك بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره.. وأكدت حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين علي استتباب الأمن وتحقيق العدل وتنفيذ أحكام الله في كل من يعتدي علي الآمنين ويسفك دماءهم. كل ما جاء في بيان الداخلية السعودية نحترمه ونقدره. فتحقيق العدالة هو غاية كل إنسان ومنتهي أمله.. لكن لتسمح لنا الداخلية السعودية أن نتساءل: هل أتيح للمواطن المصري حق الدفاع عن نفسه طبقاً لما تقرره المواثيق والمعاهدات الدولية؟! بل طبقا لما تقرره الشريعة الإسلامية؟!. لقد خلا بيان الداخلية السعودية من أي إشارة لهذه الحقوق التي يجب أن تتاح للمواطن الذي حُكم عليه بالإعدام. فجاء بيانا صارما دامغاً بإدانة المواطن دون أن يقول لنا شيئا عن ملابسات القضية سوي انه كان هناك خلاف مالي بين القاتل والقتيل. هل انتدبت المحكمة السعودية مثلاً محاميا سعوديا للدفاع عن المواطن المصري؟! فربما ارتكب هذا المواطن فعلته دفاعا عن نفسه وكاد المواطن السعودي يقتله نتيجة لهذا الخلاف؟! وهل قبل محام سعودي هذه المهمة؟! وإذا لم يكن قد قبل فهل تم انتداب محام من مصر للدفاع عنه؟ وهل تابعت القنصلية المصرية في الرياض هذه القضية؟! معروف ان هناك عددا من أصحاب الأعمال السعوديين الذين يستخدمون العمال المصريين لا يعطونهم حقوقهم المادية ويستحلون جهدهم. وعندما يطالبونهم بهذه الحقوق ينكرونها. ولاتوجد هناك في المملكة الشقيقة جهة تنصفهم. فيصير هؤلاء العاملون كالعبيد الذين يُباعون في سوق النخاسة. نرجو ألا يكون "التعصب" لابن البلد المواطن السعودي علي حساب العامل الأجنبي "ابن مصر" دافعاً في اتجاه إدانة هذا العامل وضرب رقبته بالسيف. يحز في النفس ونأسي كلما سمعنا أن هناك أكثر من ثلاثة آلاف مصري في سجون السعودية ما بين محجوزين دون محاكمة وبين محكوم عليهم ولا نعرف عنهم شيئا. ولا نعرف أسباب حجزهم أو أسباب إدانتهم.. ولهم أكثر من ثلاثة آلاف أسرة في مصر تنفطر قلوبهم حزناً عليهم.. فمعظمهم أصحاب عائلات يعولونهم وينتظرون عودتهم بعد أن أصبحت حياتهم في مهب الريح. آخر المقال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوما.. قالوا: ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً يا رسول الله؟ قال: نرده عن ظلمه". صدق رسولنا الكريم.