ثلاثة فنانين من الرواد حقق كل منهم مدرسة من تلاميذهم.. أولهم هو الفنان المدهش أحمد صبري الذي تتلمذ علي يديه حسين بيطار وصبري راغب ومحمد صبري وآخرون.. والفنان يوسف كامل الذي سار في طريقه التأثري بعد أن أضاف إليه الطابع المصري.. الفنانون كامل مصطفي وحسني البناني وتلاميذهما الذين تألقوا.. أما الفنان الثالث فهو التربوي حسين يوسف أمين الذي أدخل تلاميذه في مجال الفن الحديث بعد أن كان زملاؤهم ينقلون الحداثة عن الفن الفرنسي. من بين تلاميذه الذين تألقوا في مجال المدرسة المصرية الحديثة عبدالهادي الجزار وحامد ندا وماهر رائف وزملائهم.. الحداثة في رسوم حسين يوسف أمين اتجهت إلي الجرأة في الخطوط التعبيرية. مع المحافظة علي تماسك التكوين واستخدام الألوان القوية التي تقترب من ألوان "الوحشيين" ولكنه لن يبتعد كثيراً عن الرسم الموضوعي. وربما عالج نفس الموضوعات التي عالجها نجوم الجيل الأول السابق عليه أمثال راغب عياد في لوحاته للأفراح الشعبية. ومحمود سعيد في رسومه للخيل التي تستحم في ماء النيل.. وهكذا. أما تلاميذه فالحداثة في أعمالهم تتركز في استخدام عناصر شعبية وخرافية و"دونية" مثل العقارب والأبراص والسحالي والجدران المتشققة التي ظهرت لأول مرة في رسومهم ولوحاتهم. ينتمي حسين يوسف أمين إلي الجيل الثاني من الفنانين المصريين الذين ولدوا بعد بداية القرن العشرين.. فقد ولد عام ..1904 والتقي بالمربي حبيب جورجي خلال دراسته بالمدرسة الابتدائية.. وكان فيلسوفاً ومفكراً.. تشغله فكرة استنهاض القدرات الفطرية لدي الإنسان ورعايتها ومساعدتها علي النمو والازدهار. سافر عام 1924 إلي إيطاليا لمدة عامين حيث حصل علي دبلوم الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة من فلورنسا. ثم زار فرنسا والبرتغال ومنها سافر إلي أمريكا الجنوبية. وأقام في البرازيل حيث كان له نشاط سياسي وعرف باسم "الجوردولو". وحصل علي دبلوم أكاديمية "ساوباولو" في فلسفة الفن وتاريخه عام 1928. ولكن عندما أطيح بحزبه أصبحت حياته في البرازيل مهددة بالاغتيال. فعاد إلي أوروبا ومنها إلي مصر عام 1931 حيث عمل "مدرساً للرسم" وانضم إلي جماعة الدعاية الفنية التي أسسها حبيب جورجي وضمت رسامي الألوان المائية من طلبة وخريجي "مدرسة المعلمين العليا". وكان يخصص للوحاتهم جناح خاص في معرض صالون القاهرة الذي تقيمه سنوياً "جمعية محبي الفنون الجميلة". أسس التربوي حسين يوسف أمين عام 1937 المنهج الحديث لمادة التربية الفنية مع يوسف العفيفي بدلاً من مادة "الرسم". وكان من مؤسسي اتحاد مدرسي الرسم. وقد انغمس في تدريب الموهوبين من تلاميذه وأقام أول معرض لهم عام 1946 تحت اسم المعرض الأول "لجماعة الفن المعاصر". عكف حسين يوسف أمين علي البحث العلمي والتربوي وكانت له اهتمامات واضحة بالفنون المعاصرة. كما كانت له الكلمة الأولي في مجال التعليم الفني مع أحمد شفيق زاهر ومحمد عبدالهادي ويوسف العفيفي وحامد سعيد وفتوح الرفاعي والغرابلي وغيرهم ممن وضعوا أسس التربية الفنية بالمفهوم الحديث ليحل محل مادة الرسم.. كما شارك في تأسيس اتحاد أساتذة الرسم والتربية الفنية عام .1937 وفي عام 1954 كتب الناقد "إيميه أزار" كتاباً صغيراً عن جماعة الفن المعاصر ودور حسين يوسف أمين في تأسيسها.. ورحل الفنان المربي يوم 16 أغسطس عام 1984 ببيته بالقرب من أهرامات الجيزة. ورفض عبدالحميد حمدي رئيس هيئة الفنون والآداب في ذلك الوقت شراء بيته ليكون متحفاً لإنتاجه وإنتاج تلاميذه تابعاً للدولة. وكانت علاقة تلاميذ الفنان باستاذهم حسين يوسف أمين قد فتحت أعينهم في وقت مبكر علي الدراسة الفنية المنظمة.. فكانوا يترددون بانتظام علي مقر "اتحاد أساتذة الرسم والاشغال" حيث كان يتاح لهم الرسم عن الجسم الإنساني الحي.. وكذلك كان الحال بمنزل هذا المفكر عند سفح الهرم حيث تلقي أعضاء الجماعة أول معارفهم النظرية عن الفن. مع ممارسة الرسم في مرسم هذا الاستاذ الفنان. كانت توجيهات حسين يوسف أمين. تهدف في ذلك الوقت إلي تأمل الطبيعة. والتعمق في أشكالها. وتسجيل ما لا تلحظه العين لأول وهلة. وكان الطابع العام لأعمال تلاميذ حسين أمين في تلك المرحلة. هو الأمانة في الدراسة عن الطبيعة. مما أدي إلي اكتشافهم تلك القوانين الميكانيكية التي تحكم حركات النمو في الأجسام الحية. والتعرية والترسيب وغيرها في الأجسام الجامدة.. وهي نفس الدراسات التي اشتهرت بها مدرسة "حامد سعيد".. ولكن مدرسة حامد سعيد تجمدت عند هذه الحدود. ولم تتطور أدني تطور. في حين كانت هذه المرحلة في مدرسة حسين يوسف أمين مجرد بداية ومقدمة لمراحل أخري متقدمة.