السهرة الموسيقية التي أقامها سفير تركيا بالقاهرة "حسين عوني" وأحيتها عازفة البيانو "رؤية تانر" من الأحداث الموسيقية الهامة حيث استمعنا فيها إلي أعمال بعضها نادراً عزفه في مصر والبعض الآخر نستمع إليه لأول مرة كما أنها تحمل خصوصية قد لا نشاهدها كثيراً حيث أقيمت في منزل السفير وسط ترحاب وضيافة نفتقدها بالطبع في قاعات الكونسير التقليدية. والعازفة "رؤية تانر" من الشابات التركيات الواعدات والتي استطاعت أن تصل إلي درجة من الاحتراف العالمي فهي من مواليد شمال قبرص وتلقت تعليمها في كونسر فتوار أنقرة وأكملت دراستها التقنية في إنجلترا وحازت علي بعض الجوائز التركية والعالمية وعزفت مع العديد من الأوركسترات والقادة العالميين وقدمت عدداً لا بأس به من حفلات العزف المنفرد "ريستال" في العديد من الدول منها مصر حيث تعرفنا عليها في حفل بقصر المانسترلي في نوفمبر .2010 وفي هذه الزيارة الأخيرة كان مقرراً أن تقدم ثلاث حفلات في القاهرة والإسكندرية ودمنهور بدعوة من دار الأوبرا المصرية ولكن أحداث استاد بورسعيد وتعليق النشاط الفني في جميع مسارح الدار حداداً علي الشهداء كان وراء إلغاء هذه الحفلات التي تعذر تأجيلها لارتباط العازفة بحفلات في بلاد أخري ولهذا كانت حركة طيبة من السفير إقامة الحفل في منزله ودعوة عدد من عشاق الموسيقي للاستمتاع بهذا الحفل. هوية البرنامج العازفة نجحت في اختيار برنامجها الذي جاء قصيراً بحكم المكان ولكنه عبر عن هويتها من ناحية وأظهر مهارتها من ناحية أخري حيث أدت حوالي 6 مقطوعات منها مقطوعة بعنوان علي الطريقة التركية ALLA TURCA)" من مؤلفات موتسارت وهي الحركة الثالثة من سوناتا رقم 11 ويعبر فيها عن مجموعات الانكشارية في الجيش العثماني القديم وتعد من المقطوعات الشهيرة وتجدها دائماً في ريبرتوار العازفين الأتراك وقد أدتها بالسرعة المطلوبة وأيضاً بدقة حيث تتميز هذه المقطوعة بأداء سريع من اليد اليمني مع نغمة متصلة باليد اليسري وبصفة عامة هي بارعة في هذا النوع من الأداء.. الذي ظهر في المقطوعات الأخري.. ولتوضح مهارتها قدمت بعض المقطوعات للمؤلف المجري الشهير فرانز ليست "1811-1886" الذي تتميز مقطوعاته بالصعوبة في الأداء لأنها تحتاج لتقنية عالية ومهارة من العازف لأنه هو ذاته كان عازفاً ماهراً. فأدت مقطوعة إهداء شومان "widmung R.schuman) التي تجمع بين شاعرية المؤلف الألماني روبرت شومان "1810 - 1850" وعبقرية في التكنيك حيث إنها أغنية عاطفية شهيرة ألفها شومان لزوجته كلارا بمناسبة زواجهما عام 1840 ثم صاغها ليست للبيانو.. كما عزفت له المقطوعة الشهيرة التي بعنوان تنهيدة "un sospiro" وهي واحدة من 3 دراسات للبيانو أعدها ليست لتعزف في قاعات الكونسير بجانب أهميتهم لتعليم تكنيك هذه الآلة وتعد هذه أشهرها حيث تم استخدامها في عدد من الأفلام والبرامج التليفزيونية والتي يتم فيها العزف بانعكاس اليدين في كثير من مواضعها كما أن بها مقطعاً ارتجالياً "كادنسة" وأيضاً يتم فيها استخدام الحركة السريعة بيد واحدة والأخري تؤدي نغمة أخري ولأن هذه المقطوعة من الأعمال المتداولة فكانت اختبارا اجتازته بتفوق هذه العازفة. مؤلف تركي من إيجابيات هذه السهرة والتي تمثل إضافة لدي المصريين أداء أعمال لمؤلفين أتراك مثل المؤلف "سايرام أكاديل" والمؤلف الشاب فاضل ساي fazel say)" وهو من مواليد 1970 وله إنتاج غزير يؤكد نهضة هذا البلد الموسيقية واحتضانها للمبدعين من أبنائها وهذا المؤلف أكمل دراسته العليا في ألمانيا وألف الموسيقي العالمية والتصويرية وكتب في صيغ متنوعة وتقديمه في هذا الحفل من قبيل الاعتزاز بالهوية والمقطوعة من أعماله الشهيرة وكتبها في صيغة ثلاثية بأسلوب رومانسي وجاءت ألحانها هارمونية تقليدية تتشابه مع الريبرتوار الذي يعزفه حيث إنه أيضاً عازف بيانو وقد قدمت العازفة هذا العمل بتمكن وحفظ تام يؤكد أن كل البرنامج من رصيدها الفني ولهذا أدته بإتقان وإحساس مما أعطي انطباعاً جيداً للحاضرين أنها سهرة موسيقية طيبة يستحق الشكر عليها كل من العازفة والسفير وحرمه.