عندما وصف المؤرخون مصر.. بأنها "المحروسة" كانوا يدركون ذلك تماماً.. لأن الله سبحانه وتعالي أنقذها من أطماع الكثيرين.. ومن الفتن.. ونصرها في كثير من المواقف.. فقد كانت مصر مطمعاً فيما قبل الميلاد وبعد الميلاد وفي العصور الحديثة بعد دخول الإسلام.. وكانت دائماً من أكثر بلاد الدنيا رخاء ولاسيما مدينة الإسكندرية التي تلت في المكانة مدينة القسطنطينية مباشرة.. ومهما يكن من أمر الذين احتلوها.. فإنهم دائماً.. يخرجون منها وقد تأثروا بشعبها وأخذوا عنهم فنون الحضارة وأنظمة الحياة المصرية. وطبيعي أن يعمل الكل علي استنزاف مصر وتحريض حكامها سواء الفراعنة أو حكام العصور الأخري علي جرهم إلي حروب لا طائل منها والدخول في صراعات مع الآخرين حدث هذا مع رمسيس الثاني الذي أمضي سنوات حكمه التي بلغت 67 عاماً في حروب بين الشرق والغرب حتي استنفد كل خيرات البلاد.. وعندما أصبحت الخزائن خاوية ولم يجد ما يقيم به تماثيله وأعمدة المعابد..فجأ إلي شطب اسماء من سبقوه ووضع اسمه بدلاً منهم.. وحدث كذلك مع زعماء مصريين أحداث كثيرة مرت بمصر.. وفي العصر الإسلامي وكما جاء في موسوعة تاريخ مصر ج2: أنه حدثت حادثة أزعجت كل المصريين.. المسلمين الذين دخلوا الإسلام والمسيحيين واليهود ففي سنة 722 ميلادية فوجئ المصريون بالمعاول تنهال علي التماثيل التي خلدها الفراعنة لتحطمها وتدمرها طبقاً للفرمان الذي أصدره الخليفة الأموي يزيد بن عبدالملك إلي والي مصر حنظلة بن سلطان يأمره بتحطيم كل التماثيل المنتشرة في ربوع مصر وعلي وجه الخصوص مدينة الأقصر والوجه القبلي وجاء في الأسباب أن الإسلام حرم عبادة الأصنام وبالتالي فهناك خشية أن يعاود المصريون تألية التماثيل وكانت تتسم في معظمها بالضخامة والفخامة.. ولكن المصريين قالوا: إن القدماء كانوا يقيمون التماثيل لأسباب أخري.. وكما يقول سليم حسن خبير الآثار في موسوعته مصر القديمة: "إن من المعتقدات الدينية التي كانت سائدة أن يصنع المصري لنفسه قبل مماته تمثالاً أو تماثيل لتوضع معه في مقبرته وذلك لأجل أن تحل فيه روحه المادية إذا حدث لجثته تلف أو عطب أو اختفت لأي سبب ما.. حتي يحيا منعماً في قبره وحدث أن قام أحد العظماء بصنع أكثر من مائة تمثال لنفسه فكان بذلك يحاكي الملوك.. المهم أن حنظلة بن سلطان والي مصر.. قام بتحطيم أعداد كبيرة من هذه التماثيل.. قبل رحيله من مصر.. ودارت الأيام.. وأصبحت التماثيل التي أقامها المصريون القدماء محل تقدير وإعجاب في بلاد العالم.. وأصبحت معلماً من المعالم السياحية في مصر ويأتي الأجانب لمشاهدتها.. سواء الصحيح منها أو التي جري تحطيمها أو تكسير أجزاء منها وصارت هذه التماثيل محل دراسات وأبحاث للعلماء. وبعد قيام ثورة 25 يناير ظهرت دعوة من بعض الإسلاميين تنادي بتحطيم هذه التماثيل لنفس السبب الذي من أجله قرر يزيد بن عبدالملك تحطيمها.. ورد البعض علي هذه الدعوة بأن التماثيل ما هي إلا عمل فني لا أكثر ولا أقل وأحد العناصر المكونة للمزار السياحي.. وهي لا تشكل أي عنصر ديني.. أو حتي أخلاقي.. إنها للزينة فقط. أما مصر فمازالت هي المحروسة.. التي يحرسها الله دائماً بعنايته.. لأنها تستحق فعلاً أن تكون محروسة من عبث العابثين ومن المضللين ومن عشاق تدمير كل شيء جميل وايضا من الأحداث التي تزعج كل المصريين.