عرضت قناة "التحرير" مساء الجمعة "أول أمس" ثلاثة أفلام تسجيلية تنويرية عن ثلاثة "نجوم" حققوا نجوميتهم في مجال المقاومة السلمية والحقوق المدنية وتحقيق الحرية للشعوب عبر العالم وذلك باستخدام قوة اللاعنف.. وذلك من خلال تبني سياسة العصيان المدني التي تحرم استخدام العنف وتنبذ الصدام مع السلطة. هؤلاء الثلاثة هم مارتن لوثر كنج "1929 - 1968" المناضل الأسود الذي توفي عن عمر يناهز 39 عاماً ولكن بعد أن انتصر لقضية قومه وحقق لبني جلدته "السود" الحرية بإلغاء سياسة التفرقة والفصل العنصري.. والفيلم يكشف بالصورة أشكال الاضطهاد البغيضةالتي واجهها الأمريكيون السود في الولاياتالمتحدة. وكيف واجهوا هذا الفصل العنصري اللانساني في المدارس والمطاعم والنوادي وكل مظاهر الحياة وذلك باستخدام المقاومة السلمية والاحتمال والصبر ازاء الإهانة ومقابلة العدوان البدني والمعنوي بالنظر فقط في عيون جلاديهم من المواطنين البيض وبذلك استطاعوا تدريجياً أن يسحبوا إلي جانبهم مجموعات من الأمريكيين البيض فضلاً عن تعاطف العالم. النجم الثاني الذي انتزع إعجاب العالم وأصبح أيقونة للحرية والكفاح السلمي هو الزعيم الهندي غاندي "1869 - 1948" المؤسس العظيم لسياسة اللاعنف والمنظر العملي لأيدولوجية العصيان المدني. حتي يتم تحقيق استغلال الهند.. وغاندي أو "المهاتما" ومعناها "الروح العظيمة" وهي الصفة الشرفية التي منحه إياها شاعر الهند العظيم رانبدرانت طاغو. ولقب غاندي ايضا بالأب ¢Bapu" باعتباره الأب الروحي للهند. وأصبح يوم ميلاده عيداً قومياً و"اليوم العالمي للاعنف". قاد غاندي حملة طويلة لتوعية الهنود ضد جلاديهم بالاستغناء عن بضائعهم وصناعتهم وخدمتهم والاعتماد علي أنفسهم في الغذاء والكساء والملح الذي كان يمثل بضاعة ثمينة تحقق أرباحاً عظيمة. قاد ايضا حملة للتخفيف من الفقر وإشاعة روح المحبة والوئام بين الأعراق والديانات المختلفة في شبه القارة الهندية.. باختصار نبذ التعصب. الشخصية الثالثة التي دار حولها أحد الأفلام التسجيلية التي عرضتها القناة. شخصية الزعيم البولندي ليش فاليسا "مواليد 1943 - " المؤسس التاريخي لنقابة التضامن وهي أول نقابة مستقلة في الكتلة الشيوعية قبل سقوط الاتحاد السوفيتي. الأفلام التسجيلية الثلاثة حول هؤلاء الزعماء الكبار عرضتها قناة التحرير ليلة الجمعة أي قبل السبت التالي بساعات. وهو توقيت مقصود لأنه يقدم بالصور الحية والتي تعتبر وثائق تاريخية لا يمكن دحضها معني المقاومة باستخدام العصيان المدني Civil disobedience وهو مصطلح عالمي الآن. وسلاح مشروع يلجأ إليه من لا يمتلك القوة الباطشة وأسلحة الحروب. ومن ثم يلجأ إلي سلاح الرفض وعدم طاعة الطغاة والمستبدين.. والأفلام الثلاثة تؤكد أن سلاح "اللاعنف" الكلمة التي ترجمها ثوار 25 يناير 2011 بالكلمة العبقرية "سلمية.. سلمية". ولم تقصر السينما الروائية في تسليط الضوء القوي علي هذه الشخصيات سواء في أمريكا حيث خرجت العديد من الأفلام حول شخصية مارتن لوثر وعن حركة العصيان المدني في الولاياتالمتحدة. كذلك تم صنع أفلام عظيمة عن "غاندي" "1982" ومنها فيلم المخرج البريطاني ريتشارد أتبنرو الحاصل علي لقب "سير" من ملكة بريطانيا. والفيلم نفسه حصل علي عدة جوائز أوسكار ومنها جائزة للمثل البريطاني ايضا بن كنجسلي الذي لعب دور غاندي في الفيلم وجائزة أفضل فيلم ومؤخراً يقوم المخرج اندريه واجدا "85 سنة" وهو أهم مخرج بولندي وحاصل علي العديد من الجوائز العالميية ومنها جائزة الأكاديمية البريطانية للسينما والتليفزيون. يقوم بإخراج فيلم عن سيرة حياة ليش فاليسا الذي يعتبره البولنديون بطلاً فريداً وحقق فوزاً حقيقياً علي الشيوعيين وساعد البولنديين علي الصمود فهو زعيم وناشط سياسي في مجال حقوق الإنسان وشخصية تمتلك جاذبية شخصية "كاريزما" وقد أصبح رئيساً لبولندا في الفترة من "1990 - 1995". المتأمل لهذه الشخصيات الثلاث سيجد أنها تمتلك قبل أي شيء طاقة معنوية خلاقة وقوة روحية كبيرة فضلاً عن إيمان مطلق بعدالة قضيتها والإيمان بنجاحها. السينما التسجيلية والروائية بما لديها من أدوات وإمكانيات انتشار سريع سجلت واحتفت وكذلك فعلت القنوات التليفزيونية بهؤلاء النجوم والأهم من الفرجة علي هذه الأعمال. التسلح بالوعي والمعرفة لأن الجهل فضيحة وكلمة "العصيان" ليست لها دلالة دينية من أي نوع. فالعصيان ضد الطغاة وضد من يملكون أسلحة القتل نوع من التدين وشكل من أشكال التقرب إلي الله لأنه سعي لتحقيق قيمة العدل والمساواة والحرية.