من أكبر الجرائم والتي ندفع ثمنها غاليا هو تقزيم الأزهر ومحاصرة دوره الإسلامي والتاريخي الذي تحمله منذ أكثر من ألفي عام. استبعاد الأزهر وإزاحته عن صدارة المشهد الإسلامي خيانة يجب أن يعاقب عليها كل من شارك فيها بالفعل أو القول. لقد ظل علماء هذا الصرح الشامخ حائط الصد ضد فساد أي حاكم أو خروجه عن الأصول الشرعية وتجاوزه في حق شعبه كما بقي رمانة الميزان وسط تعدد التيارات والجماعات.. وظل المواطن يري في أزهره الشريف ليس المنارة فقط بل الملجأ للمضطهدين وملاذ الخائفين والعدل للمظلومين وكان مشايخه وعلماؤه يتعاملون بكل ما تمليه ضمائرهم وعقيدتهم وصالح الأمة وبكل السبل المشروعة وبالحكم والموعظة الحسنة لمنع اختلال البوصلة ولا مانع أحيانا من المواجهة إذا كان هناك غاز للبلاد أو مستبد حاول قهر شعبه. وفي كل الأحوال كان صوت الأزهر خارجيا قبل داخليا هو نبض الإسلام الصحيح ودعوته السمحاء وبه وبين علمائه يقول كل عالم ما يريد ويخرج الجميع بالفتوي والرأي الصائب الذي يلتزم به الجميع وحتي لو اختلف البعض ظلت مهابته محل تقدير الكافة. مسئولية تعدد التيارات والجماعات والتي تتصارع لصدارة المشهد الإسلامي وخطف دور الأزهر وبدون عمق وحكمة وعلم هذه المؤسسة الرصينة بتراثها الفكري الإسلامي يسأل عنه كل من ساهم في خنق هذه المؤسسة العملاقة ولا حل ولا استقرار حقيقي ووضع حد لتناحر تلك الجماعات وفوضي الفتاوي وانفلات بعض الاجتهادات إلا بعودة هذه المؤسسة لسابق عهدها ظهر ذلك جليا بعد ثورتنا المباركة والمحاولات الخالصة من العالم الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بل ربما التي سبقت الثورة لانتزاع هذا الدور وانتشال هذه المؤسسة من مختطفيها ومواقف الأزهر ووثيقته ومحاولاته التقريب بين المتعارضين للانتقال بمصر إلي مرحلة الديمقراطية والازدهار وكذلك احترام وتقدير الكافة لراية الأزهر. إن صدور قانون باستقلال الأزهر هو من أهم انجازات ثورة يناير المجيدة وانتخاب شيخ الأزهر من بين علمائه هو مطلب بل حلم انتظرناه وانتظرته الأمة كثيرا ودفعت ثمنا فادحا لغيابه ولا يستثني من ذلك مسلم أو مسيحي أو غير ذلك والتاريخ يشهد أن الفتن والتطرف والغلو ما ظهرت إلا بعد تجميد هذه المؤسسة ووضعها في ثلاجة النظام مما ترك الساحة خالية أمام من ادعو الحكمة وتصدروا الفتوي بلا علم ومن المتربصين والمندسين أحيانا وهو ما سبب الفتن والانقلاب الأخلاقي وعدم الاستقرار والإرهاب أحيانا. إن تاريخ الإسلام لن ينسي للشيخ الطيب هذه الوقفة واستثمار اللحظة لا لكسب شخصي بل لعودة الأزهر لدوره ورسالته التاريخية وهي في صالح الجميع بكل انتماءاتهم ومذاهبهم. بقيت أمنية بل مطلب ملح لوحدة الفتوي وتركيزها في جهة واحدة ترجع إليها الأمة وهي ضم وزارة الأوقاف ودار الافتاء لحضن الأزهر الشريف بكل علمائهم وعامليهم وكذلك إعارة أوقاف الأزهر وفتح باب الوقف من جديد ثم تطوير التعليم الأزهري لنكون بحق قد حققنا الاستقلال الفعلي للأزهر وحصنا أمتنا من منابع الفرقة والغلو فهل يفعلها شيخ الأزهر.