نعم.. بملء الفم نقولها.. انهم مجرمون وليسوا ثوارا أولئك الذين يقومون بتخريب المؤسسات والمنشآت العامة لهدم كيان الدولة.. وآخرها تخريب وحرق مبني الضرائب العقارية. لا خير فينا إن لم نقلها صريحة مدوية بكامل حريتنا وإرادتنا حتي يتبين الحق من الباطل.. وحتي لا تضيع الحقيقة بيننا ونصبح مثل قوم موسي الذين قتل فيهم قتيل فتصالحوا علي كتمان الحق حماية للمجرم القاتل خوفا من بطشه وجبروته. لا خير فينا إن لم نقلها ونحن أصحاب الرأي الذين جعلنا الله شهودا وشهداء.. ومن يكتم شهادة الحق فإنه آثم قلبه. ولا خير في مجلس الشعب إن لم يقلها.. ولا خير في أعضائه أصحاب الحصانة الذين انتخبهم الشعب ليكونوا قوة تحمي الحق وتواجه الضلال إن لم يقولوها صريحة مدوية. ولا خير في المجلس العسكري والمجلس الاستشاري والحكومة ووزارة الداخلية وقادة الأحزاب ونجوم الفضائيات والمرشحين المحتملين للرئاسة إن لم يقولوها صريحة مدوية.. حتي يحافظوا علي صورة الثوار وصورة الثورة ناصعة نقية. الثوار يرفعون مطالبهم ويهتفون ويعتصمون في ميدان التحرير.. أما هؤلاء الذين يندفعون إلي المنشآت والمؤسسات العامة لتخريبها وحرقها وافتعال حروب واشتباكات مع رجال الأمن فهؤلاء مجرمون يجب أن يتم القبض عليهم ويقدموا إلي العدالة. نحن نتعاطف جدا جدا مع الثوار الشرفاء الذين يشاركون في الاحتجاجات السياسية.. ونتعاطف جدا جدا مع المتظاهرين أصحاب المطالب الفئوية.. ولكن الذين ينتهكون القانون ويقطعون الطرق ويعتدون علي السيارات والقطارات ويقتحمون المؤسسات العامة ويعطلون المصالح الحكومية فهؤلاء يجب أن نسميهم باسمهم الصحيح لنفرق بينهم وبين الثوار. ثم اننا لا نفكر في هذا الضابط وهذا الجندي الذي يقف أمام المؤسسات الحكومية ليحميها بروحه.. ولا يعرف كيف تنتهي المعركة مع البلطجية الذين يشاغبونه.. ربما يفقد روحه أو يفقد إحدي عينيه.. وهو في النهاية مواطن بسيط قد لا يكفيه دخله.. وبالتأكيد لن ينال من التمجيد والتكريم ما يناله الثوار والشهداء. هذا الضابط أو هذا الجندي قد يكون أخي أو ابن عمك أو ابني أو ابنك.. وهو لا يدافع عن بيته ولا عن أسرته الصغيرة.. وانما يدافع عن الوطن.. عن الدولة.. عن الرمز الذي سيبقي لنا جميعا.. والرمز ملكية عامة. ولاشك ان هذا الضابط أو الجندي يعاني بدنيا ونفسيا.. فهو ان أخلص في أداء واجبه مدان.. وإن لم يخلص مدان.. لأن أحدا لم يعد يقف معه في خندق الدفاع عن الملكية العامة.. عن الوطن والرمز.. عن الدولة والقانون. ومن عجائب زماننا ان الذين اسرفوا في نفاق مبارك ونظامه وحاشيته وفتحت أمامهم أبواب النجومية وحصلوا علي ملايين الجنيهات من وراء ذلك انقلبوا بسرعة بعد الثورة إلي نفاق المجلس العسكري.. ثم انقلبوا إلي نفاق ميدان التحرير والثوار.. بل زايدوا وبالغوا حتي كشفوا أنفسهم أمام الشعب.. وعندما حاولت إحدي المذيعات المزايدة علي واحد من الفلول سارعها بالقول "أنت أم الفلول". وفي مرحلة تالية انقلب هؤلاء إلي نفاق مجلس الشعب لأنهم لا يعرفون العيش بدون نفاق.. وبعضهم لجأ إلي "الدروشة" نفاقا للاخوان والسلفيين وهم لا يدرون ان الاخوان والسلفيين أبعد الناس عن "الدروشة". والآن.. يمارسون أردأ ألوان النفاق أمام البلطجية والالتراس ومدعي الثورية من الخارجين علي القانون.. متصورين ان الغلبة ستكون لهؤلاء.. وان أحدا لن يجرؤ علي إدانة من يرتدي قميص عثمان.. فالزمن زمن فتنة.. وشاعرنا الأمير أحمد شوقي يقول علي لسان أحد أبطاله في مسرحية "مجنون ليلي": "إذا الفتنة اضطرمت في البلاد ورمت النجاة فكن إمعة". حسنا.. فليكونوا إمعات.. ولينافقوا ويحصلوا علي مزيد من الشهرة والمال والإعلانات.. لكن أهل الحق يجب أن يستمسكوا بالحق.. الحق الخالص غير المشوب بالكذب.. ولا يخشوا في الحق لومة لائم.