يقع ميدان السواقي أو قارون في قلب مدينة الفيوم علي مساحة تتجاوز 20 ألف متر علي ضفاف بحر يوسف ويسع لعدد 50 ألف شخص لكن العدد وصل إلي 100 ألف شخص أثناء مظاهرات ثورة 25 يناير اذا أضفنا إليه الشوارع المحيطة به فان العدد قد تضاعف إلي أكثر من نصف مليون مواطن. وقد أطلق عليه هذا الاسم لأن الفيوم المحافظة الوحيدة في مصر التي يوجد بها 200 ساقية منتشرة في أراضيها الزراعية وهي آلة ري قديمة تدور بقوة دفع المياه من الهدارات وهي تعتبر آلة ري تعمل طوال العام وتصنع من خشب الشجر المحلي وقد اتخذت الفيوم الساقية شعاراً لها إدراكاً لدورها الهام في ري الأراضي الزراعية ويشاهدها الجميع في ميدان قارون في قلب مدينة الفيوم.. ويعود انشاؤها إلي القرن الخامس عشر الميلادي أثناء فترة حكم قايتباي وقنصوه الغوري أثناء عصر المماليك. بدأ هذا الميدان التاريخي الذي يعتبر رمزاً للوطنية والتغيير والحرية لأبناء الفيوم في ثورة 1919 عندما خرجوا في شهر مارس من نفس العام ضد الانجليز وتأييداً لسعد زغلول وابنهم حمد باشا الباسل الذي قاد المظاهرات ونفي مع سعد زغلول. ومنذ هذا التاريخ والفيوم تحتفل بعيدها القومي في الخامس عشر من مارس من كل عام. وجاء تخليد هذا الميدان للوطنية في ثورة يوليو 1952 بخروج أبناء الفيوم بالالاف والتجمع في ميدان السواقي تأييداً للضباط الأحرار ضد الملك والانجليز ليشهد أكبر تجسيد لالتفاف الشعب حول الجيش. وقد ظهر جلياً الدور البطولي لهذا الميدان التاريخي مؤخراً أثناء ثورة يناير المجيدة حيث احتضن واستوعب جميع المواطنين سواء المؤيدين أو المعارضين للنظام السابق علي مدار أيام الثورة حتي انتصر صوت الثوار ونجحت الثورة وعلا صوت الحرية والديمقراطية. ظل ميدان السواقي علي مدار سنوات قبل ثورة يناير ملتقي لجميع الأحداث سواء الاحتفالات أو المظاهرات أو الاعتصامات سواء انطلقت منه الشرارة الأولي أو تجمع فيه المواطنون فيشهد كل عام احتفال الفيوم بالعيد القومي وانتصارات المنتخب الوطني فيخرج إليه المواطنون بالالاف. كما شهد الكثير من الوقفات الاحتجاجية من جميع التيارات السياسية قبل الثورة والتي تصاعدت حدتها مع مواكبتها للاضرار والاعتصامات والمطالب الفئوية والتي تصاعدت حدتها واشتدت ومهدت الطريق لكونها جعلت الميدان أرضاً خصبة وملتهبة لاعتناق واحتضان ثورة 25 يناير حتي نجحت. قاد ميدان السواقي أحداث ثورة يناير يناير بالتوازي مع ميدان التحرير من حيث التوقيت والخطة عندما دقت ساعة الصفر في تمام الساعة الثانية ظهراً في 25 يناير الماضي 2011 ليكون الانطلاق من شارع مصطفي كامل ثم التجمع في ميدان الحواتم ليصب العدد بالالاف في نهاية المسيرة في ميدان السواقي ثم جاءت جمعة الغضب ليخرج الشباب والتيارات السياسية المختلفة من مساجد عبدالله وهبي ونعيمة شرابي وفاطمة إلياس ومسجد الجمعية الشرعية وهي قريبة من ميدان السواقي حيث تجمع الجميع وظلوا فيه حتي انتصرت الثورة. قام شباب الثورة والموظفون بعد نجاح الثورة وتزامناً مع ميدان التحرير بتنظيف ميدان السواقي ودهان الأرصفة وأعمدة الانارة بعلم مصر ودهان قوائم كورنيش البحر. أصبح ميدان السواقي بالفيوم مزاراً سياحياً وسياسياً لكونه أصبح رمزاً من رموز الوطنية وشاهد علي أحداث تاريخية ضخمة أعظمها وأبرزها ثورة يناير المجيدة التي سطرها أبناء مصر والفيوم بدماء الشهداء ونصيب الفيوم منهم أربعة شهداء وسيظل هذا الميدان الملجأ والملاذ لكل مظلوم وصاحب حق وهو جاهز لقيادة التغيير إذا أراد الشعب وسيظل شامخاً لكونه شاهداً علي تلاحم أبناء الفيوم وقت الأزمات والمحن والانتصارات.