نحن نعرف الكثير عن نجوم الكرة والسينما والموسيقي والغناء في الغرب.. وربما يحفظ البعض صورهم وأسماءهم أكثر مما يحفظ صور أهله وجيرانه! وغالباً ما نقول إن الإعلام الغربي له السطوة والغلبة والسيطرة.. وهو الذي يصدر لنا هذه الصور والشخصيات ويصنع منها نجوماً تفرض نفسها علينا فلا نجد أمامنا سوي نشر أخبارها والإسهام في شهرتها. وهذه المقولة حق يراد به باطل. فقد تكون صحيحة إلي حد ما.. لكنها ليست مبرراً قوياً لما يحدث! نحن أو الإعلام العربي والقائمون عليه بوجه عام نتحمل الجانب الأكبر من المسئولية عندما نفرط في نشر أخبار هؤلاء النجوم أو نتوسع في المساحة الزمنية الممنوحة لهم في وسائل الإعلام علي حساب مواد إعلامية أخري جادة ومفيدة للقارئ ولا تقل تشويقاً له. ويبدو أن منا من يتعمد تسطيح عقلية القراء والمشاهدين واللعب علي أوتار غرائزهم.. والابتعاد بهم عن الجدية. والإعلام الغربي ليس كله ترفيهاً ولا تسطيحاً.. بل تجد فيه كل الألوان والأشكال والمضامين علي اختلافها وتنوعها. وخلال الأيام الماضية احتفي الإعلام البريطاني . بل والأمريكي بجميع وسائله سواء المسموعة أو المرئية أو المطبوعة أو الالكترونية بواحد من أشهر علماء العالم في عصرنا وبثت وكالات الأنباء الأجنبية والصحف ومحطات التليفزيون والإذاعة تقارير ولقاءات مع هذا العالم بمناسبة بلوغه السبعين من عمره! لكن أحداً في عالمنا العربي لم يهتم بهذا الأمر ولم يلق له بالاً! إنه عالم الفيزياء الشهير ستيفن هاوكنج! هل سمع أحد بهذا الرجل.. أو عرف اسمه من قبل.. أو قرأ شيئاً من كتاباته؟! و"هاوكنج" هو أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة كامبريدج البريطانية وهو مصاب بشلل شبه تام جعله أسيراً لمقعد متحرك.. لكن الشلل لم يعقه عن الصعود إلي مكانته العالمية المرموقة! والرجل له أفكار وتصورات قد لا نستوعبها لكنها جديرة بالتأمل والتفكر.. فهو يري أن البشرية يجب أن تبحث لها عن كواكب أخري في الفضاء كي تعيش عليها بعد أن أصبحت مهددة بالفناء نتيجة للمخاطر التي يتعرض لها كوكب الأرض والتي تهدد بتدميره والقضاء عليه. ويري "هاوكنج" أن عوامل فناء البشرية كثيرة ومتعددة كاندلاع حرب نووية أو الآثار المدمرة للتغيرات المناخية أو ظهور وباء عالمي فتاك نتيجة لعبث العلماء وقيامهم بإجراء تعديلات وراثية علي بعض الفيروسات والميكروبات ضمن الاستعداد لشن حروب بيولوجية.. أو أن تتعرض الأرض للاصطدام بكوكب أو مذنب قادم من الفضاء أو لكمية هائلة من الإشعاعات الكونية الناتجة عن انفجار أحد النجوم القريبة منا! ويقول إن انتشار الحضارة البشرية في الكواكب المجاورة وإقامة مستوطنات يعيش فيها الإنسان علي سطح القمر أو علي كوكب المريخ قد ينقذ البشرية من الفناء فإذا وقعت كارثة علي أحدها لا يفني الجنس البشري بأكمله.. بل سينجو المقيمون علي غيره. ربما يقول القارئ إن هذا الكلام ضرب من الخيال العلمي لكني أري أن المسافة قد ضاقت جداً بين الحقيقة والخيال فمن ذا الذي كان يتصور منذ قرن مثلاً أن يري ما يحدث علي بعد آلاف الكيلو مترات في نفس وقت وقوعه من خلال جهاز يسمي التليفزيون وهل كان أحد يتصور أن بإمكان الإنسان أن يصل إلي سطح القمر أو أن يرسل أجهزة ومركبات إلي كوكب المريخ لتجري أبحاثها هناك وتبلغه بالنتائج أولاً بأول! إذن علينا أن نلوم أنفسنا كإعلاميين لأننا لا نجري إلا وراء توافه الأمور ونتجاهل الواقع تماماً مع أن هذا الواقع قد لا يختلف في جاذبيته عن الخيال! ** كلمات أعجبتني: الحب ليس أعمي.. فالعاشق يري فيمن يحب ما لا يراه الآخرون!