بعد 72 ساعة فقط من الآن وتحديدا بعد غد الاثنين تدب الحياة البرلمانية من جديد بعد توقف دام نحو 337 يوماً.. في أعقاب حل مجلس الشعب بعد أيام من تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير الماضي في الوقت الذي استعد فيه البرلمان بقوته الضاربة من العاملين في الأمانة العامة للبرلمان.. لاستقبال المجلس الجديد حيث ينتظم نحو أربعة موظفين في العمل بعد 11 شهراً تقريبا في العمل بنظام النوبتجيات نظرا لخلو البرلمان من العمل طوال هذه الفترة. ويحظي برلمان الثورة الذي يبدأ عمله بعد غد باهتمامات بالغة داخل الأوساط والدوائر السياسية والبرلمانية المحلية والعربية والدولية للعديد من الأسباب يأتي في المقدمة منها انه أول برلمان يتم انتخاب نوابه بحرية كاملة دون تدخل من النظام الحكام كما كان يحدث في عهد النظام البائد.. اضافة إلي تصدر الإسلاميين المشهد البرلماني ولأول مرة في تاريخ الحياة النيابية من ناحية وفي تاريخ جماعة الإخوان المسلمين الذي استحوذ مرشحوها في الانتخابات البرلمانية علي الأغلبية وحصدوا غالبية مقاعد البرلمان اضافة إلي النواب السلفيين الذين يدخلون البرلمان لأول مرة في تاريخهم ويمارسون السياسة بنقلة نوعية كبيرة من الأمور الدعوية إلي القضايا السياسية.. وعودة أحزاب بكل قوة إلي ساحة العمل النيابي بعد تهميش طويل مثل حزب الوفد الذي لم يتجاوز عدد نوابه في أي برلمان سابق من الثورة عن 13 نائبا.. وعودة حزب الاحرار اضافة إلي الأحزاب التي سابقت الزمن للتأسيس بعد الثورة.. اضافة إلي انه بعد البرلمان الأول الذي يعمل وفق نظام التكتلات الحزبية وأكبرها حجما وتمثيلا التحالف الديمقراطي الذي يقوده حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي للإخوان المسلمين.. واختفاء النواب الذين احتلوا مقاعدهم لمدد وصلت إلي نحو 40 عاما في مقدمتهم الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس آخر برلمانات عهد مبارك واحتل قيادة البرلمان لمدة 24 عاما.. والدكتور زكريا عزمي وحسين مجاور ومحمد أبوالعينين ومحمد فريد خميس وعبدالرحيم الغول وأحمد أبوحجي وخرج منه أيضا جميع رؤساء لجان البرلمان الدائم التسعة عشرة اضافة إلي رموز برلمانية احتكرت العمل البرلماني علي مدي سنوات طويلة منها أحمد عز والدكتور عبدالأحد جمال الدين وقد اسفرت نتائج الانتخابات الأخيرة عن حدوث انخفاض حاد في أعمار النواب الجدد الذين يمثلون أكثر من 90% من مقاعد البرلمان الجديد إلي نحو 55 عاما بينما كان متوسط عمر النواب في برلمانات سابقة يتجاوز 65 عاما.. وهو ما اطلق عليه المراقبون برلمان بطعم الشباب والحيوية. ويعد برلمان الثورة هو أول برلمان يفقد شعاره المعتاد ان البرلمان سيد قراره.. وتحول مصير نائب البرلمان المطعون في عضويته من سيادة البرلمان إلي محكمة النقض واعتبار قرارها بابطال العضوية جواب نهائي.. وقد اخليت مكاتب رؤساء لجان البرلمان تماما من كافة متعلقات لرؤسائها السابقين لتكون جاهزة لاستقبال الرؤساء الجدد ويعد برلمان الثورة هو الأول الذي يصعب التكهن فيه بمنصب رئيس البرلمان فرغم ترشيح حزب الحرية والعدالة للدكتور محمد سعد الكتاتني أمين عام الحزب لمنصب رئيس البرلمان إلا أن هناك ترديدات قوية أن منافسين قانونيين له سيدخلون الصراع علي منصب رئيس البرلمان.. واعتبر مراقبون سياسيون وبرلمانيون ان ترشيح حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين للدكتور محمد سعد الكتاتني أستاذ العلوم في جامعة المنيا وأمين عام الحزب لمنصب رئيس مجلس الشعب في أولي دورات برلمان الثورة التي تبدأ يوم الاثنين القادم بداية لصراع خلف كواليس المسرح البرلماني بين التيار العلمي والقانوني حيث اعتبر القانونيون من أعضاء البرلمان الجديد ان خطوة اختيار الكتاتني بمثابة سحب للبساط من تحت أقدام القانونيين الذين احتكروا هذا الموقع علي مدي سنوات تزيد علي الأربعين ولم يكسر هذه القاعة طوال قرابة نصف قرن سوي تقلد المهندس الزراعي الراحل سيد مرعي هذا المنصب في عهد الرئيس الراحل أنور السادات ولمدة ثلاث سنوات انتهت بحل البرلمان عام 1979 في اليوم التالي لموافقة البرلمان في ذلك الوقت علي معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل تواصل بعدها احتكار القانونيين لهذا المنصب الذي كان يشغله بعد مرعي الدكتور صوفي أبوطالب أحد أبرز أساتذة الشريعة الإسلامية وصاحب أول إعداد لمشروعات قوانين الحدود في مصر.. ثم الدكتور كامل ليلة ثم الدكتور رفعت المحجوب ثم الدكتور أحمد فتحي سرور أستاذ القانون الجنائي والذي ظل رئيسا للبرلمان لما يقترب من ربع قرن قبل أن يغادر البرلمان بعد حله في 16 فبراير من العام الماضي إلي سجن طره متهما بالتحريض في موقعة الجمل وأيضا الكسب غير المشروع والذي أخلي سبيله فيها بكفالة مائة ألف جنيه. وقد أصاب ترشيح الحرية والعدالة صاحب الأغلبية في البرلمان الجديد للدكتور الكتاتني أستاذ العلوم القانونيين نواب برلمان الثورة بصدمة سياسية عنيفة خاصة انه أطاح في اللحظات الأخيرة وقبل اعلان ترشيح الكتاتني بآمال المستشار محمود الخضيري رئيس نادي القضاة السابق الذي كان إلي الأقرب في التوافق السياسي عليه خاصة ان طبيعة البرلمان التشريعية كأعلي سلطة تشريعية في البلاد اضافة إلي ما ينتظر البرلمان الجديد من تشريعات هامة سيصدرها خلال دورته الحالية كان موضع اعتبار عند مغازلة الحرية والعدالة للخضيري بعد فوزه بمقعد مستقل في البرلمان عن الإسكندرية. وتدور التوقعات حول تشكيل هيئات مكاتب اللجان من خليط من التيارات السياسية تحت قبة البرلمان وان كان هناك نواب يتطلعون إلي قيادة بعض اللجان في الدورة الجديدة إلا ان كافة المؤشرات تؤكد انه ليس هناك مرشح سابق التجهيز لأي من منصب رئيس اللجنة أو احدي وكيليها أو أمين السر وهناك دفع من جانب النور السلفي بمرشحه أشرف ثابت لمنصب وكيل البرلمان.. في حين يظل المنصب حائرا علي منصبي الوكيلين لوجود منافسين جدد قد يفجرون مفاجأة في الترشح. ويتمسك التحالف الإخواني بمناصب لجان رئيسية مثل الدكتور صبحي صالح للتشريعية وأشرف بدر الدين للخطة والموازنة والدفاع والأمن القومي من نصيب سعد الحسيني.. والدكتور وحيد عبدالمجيد للجنة العلاقات الخارجية والشئون الدينية للشيخ سيد عسكر والصحة للدكتور أكرم الشاعر. وذهب حزب النور السلفي إلي ترشيح نوابه علي أربع لجان رئيسية تنافسية مع حزب الوفد وهي الخطة والموازنة والأمن القومي والتشريعية والعلاقات الخارجية. وأكد الدكتور صفوت عبدالغني من الهيئة العليا لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية ان الحزب سيدفع بمرشحين للمنافسة علي رئاسة اللجان ووكلائها. وتدور التوقعات حول رئاسة الشيخ سيد عسكر نائب الإخوان المسلمين عن الغربية جلسة الإجراءات باعتباره أكبر الأعضاء سنا.