هل أحد كان يتصور أن يتدهور بنا الحال لنصبح من الدول المستوردة للقمح بعد أن كنا ننتج ما يكفينا منه ونصدر ما يفيض؟ ان سبب هذا الانهيار هو سياسات النظام البائد التي كانت خاضعة وتابعة لأمريكا والغرب الذين كانوا يعمدون الي وضعنا تحت وصايتهم ومصالحهم بحيث نظل في حاجة مستمرة اليهم وإلي منتجاتهم خاصة بالنسبة لمثل هذا المحصول الاستراتيجي الذي تنتج منه رغيف العيش. وقد نجحوا في ذلك لأنهم وجدوا أذنا صاغية بل وأذنابا لهم طوال ال 30 عاما الماضية التي حكم فيها الرئيس المخلوع. وبات قرارنا ليس من رأسنا لأننا لم نأكل من فأسنا وانتاجنا. لقد زادت الفجوة كثيرا بين ما ننتجه من القمح وبين ما نحتاجه. وانعكس ذلك علي أرض الواقع وأصبح الحصول علي رغيف الخبز حلماً وأملاً وتكدس المواطنون في طوابير طويلة وزحام شديد أمام المخابز في مشهد مهين ومذل من أجل الفوز ببعض الأرغفة من الخبز المدعم حتي وصل الأمر الي الشجار والصراع بل وإلي الاقتتال وسقط ضحايا أبرياء في تلك الطوابير. وللأسف الشديد مازال هذا المشهد المخزي والمؤلم يتكرر حتي بعد قيام ثورة 25 يناير المجيدة التي رفعت شعار "عيش حرية عدالة اجتماعية" والدليل هو تلك الحادثة البشعة التي شهدتها مدينة جهينة يوم السبت الماضي.. كما جاء في الخبر الذي نشرته إحدي الصحف حيث قام صاحب مخبز بمنطقة "نزلة علي" بمدينة جهينة محافظة سوهاج بإطلاق الرصاص علي المواطنين من سلاحه الآلي بعد مشاجرة نشبت بين الأهالي حول اسبقية شراء الخبز فسقط قتيلان وأصيب ثلاثة آخرون تم نقلهم الي المستشفي في حالة سيئة للغاية. ان هذه المهزلة لابد من وضع نهاية لها علي الفور وأن تكون علي رأس أولويات حكومة الانقاذ الوطني الحالية والحكومة الشرعية التي ستتسلم منها السلطة .. وفي كل الأحوال لابد لنا من العمل علي تحقيق الاكتفاء الذاتي من كل السلع والمحاصيل الاساسية وأولها القمح وعندئذ يصبح قرارنا من رأسنا وتتحرر إرادتنا.