.كنت من المتشككين في قدرة الدكتور كمال الجنزوري علي الإمساك بدفة الوطن خلال هذه الفترة الصعبة. أشفقت عليه وعلي وطننا. خاصة انه العائد بعد سنوات طوال من سرداب الصمت والنسيان ليلقي به في أتون ثورة حقيقية لم تشهدها مصر منذ سنوات. وأصارح القاريء القول أن من أسباب تشككي تقدم الدكتور الجنزوري في العمر رغم معرفتي به من مصادر موثوق بها انه رجل محترم لم تتلوث يداه بمال مسروق ولم تتلوث ذمته بشبهة في الوقت الذي كان فيه الأشراف الحقيقيون والوطنيون الصادقون يتم استبعادهم أو تحجيمهم وفي النهاية عزلهم ليسير ركب السرقة والنهب المنظم لمقدرات هذا الوطن. أعرف الكثير عن الدكتور الجنزوري منذ أن أن كان طالب بعثة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. ذهب إلي أمريكا وعاد بالدكتوراه دون أن يشغل نفسه بشيء آخر من مباهج الحياة الأمريكية وسمعت من الدكتور عزيز صدقي -رحمه الله- إشادة بالجنزوري لم يقل مثلها الدكتور عزيز في حق أحد قبل الجنزوري.. كل هذا جعلنا أفضل النهج القائل "انتظر لتري" ماذا سيفعل رئيس الوزراء الجديد الذي اقترب من ثمانينيات العمر. خلال الفترة القصيرة وبوضوح كامل وضع الجنزوري الأمن نصب عينيه والحقيقة أن النتائج أصبحت ملموسة في الشارع رغم أننا ننتظر المزيد وما لم يعجبني في الدكتور هو قدرته علي استخدام الأرقام والاحصائيات والحقيقة أن الأرقام وحدها لا تشفي ولا تسمن من جوع. فالناس في حاجة لقرارات. وقد جاء القرار برفع معاش الضمان الاجتماعي برداً وسلاماً علي قطاعات معدمة. وهو ما يدفع الشعب إلي المزيد من القرارات التي لن تكلف الدولة شيئاً. هناك قرارات لها تكلفة اقتصادية وأخري لها مردود اقتصادي. وإذا كان الجنزوري قد أمر بزيادة معاش الضمان الا جتماعي فإن هناك قرارات ستشعر المواطن أن رئيس الوزراء قد وضع أصبعه علي كثير من الجراح ليس بغرض زيادة الألم. ولكن بقصد العلاج وتحقيق مطالب الثورة. وإذا كان تحديد الحد الأقصي للمرتبات قد صدر دون تحديد القيمة. ولكنه اكتفي بألا يزيد علي 35 ضعفاً. فإن هناك قراراً ينتظره الكثيرون لأنه المدخل الطبيعي لتحقيق العدالة الاجتماعية. وهو تسريح المستشارين في الجهاز الإداري بالدولة ويكفي أن نعرف أن عددهم 93 ألف مستشار يتقاضون "18" "ثمانية عشر مليار جنيه" سنوياً طبقاً لما ذكره عاصم عبدالمعطي وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات السابق ويعلم الجنزوري كيف تم اختيار هؤلاء المستشارين. الدكتور كمال الجنزوري أمامه فرصة تاريخية ليصنع لنفسه إطاراً من الذهب الخالص في تاريخ مصر الحديث. خاصة انه أول رئيس وزراء يعود لشغل هذا المنصب ثانية لأول مرة منذ قيام ثورة يوليو 1992 ننتظر من الدكتور كمال الكثير والكثير. فهو لم يأت ليحمل أثقالاً كما قال. والعمر لا يعيبه. إلا أن هموم الوطن وفساد ثلاثة عقود كاملة يتطلب منه أن يحمل المسئولية بلا ملل ويتقبل النقد