ساقية أبوشعرة قرية تابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية وتعد إحدي قلاع صناعة الكليم البلدي والسجاد اليدوي سواء المصنوع من الحرير أو الصوف ومن أشهر مناطق صناعته في مصر والذي يتم تصديره للخارج. والقرية قدمت نموذجاً وضربت مثلاً يحتذي به في التحدي ومحاربة البطالة وبالتالي لم تشكل مشكلة توفير فرص عمل لأبنائها في القطاع الحكومي عبئاً علي الدولة.. ويرجع احتراف أهالي القرية لهذه الصناعة إلي العصور الفرعونية فهي من القري المصرية القديمة التي تعاقبت عليها عصور وحضارات مختلفة من فرعونية ويونانية ورومانية وإسلامية وتتبع إدارياً مركز أشمون وتقع علي البر الغربي لفرع دمياط شمال القاهرة بحوالي 60كم يحدها شرقاً نهر النيل "فرع دمياط" وغرباً قرية سنتريس بنفس المركز وشمالاً قرية الفرعونية بذات المركز وجنوباً قرية شنواي مركز أشمون وظلت محتفظة بصناعة السجاد حتي هذا الوقت ولم يخل منزل بها من نول نسيج يدوي وهي صناعة متوارثة أباً عن جد. قام الرئيس السابق حسني مبارك بزيارتها في ثمانينات القرن الماضي عقب زيارته لفرنسا حيث وجد علي أحد حوائط قصر الإليزيه سجادة معلقة مكتوب عليها "نسجت في ساقية أبوشعرة محافظة المنوفية جمهورية مصر العربية" فعاد من فرنسا متوجهاً لزيارتها ليري علي الطبيعة أنوال منازلها التي كست منتجاتها متاحف وقصور أوروبا وأمريكا وطافت دول العالم وقام أهلها حينئذ بإهدائه سجادة نسج عليها علم مصر ومن يومها ازدادت شهرة القرية التي تعتبر بحق عاصمة صناعة السجاد اليدوي في الشرق الأوسط. يقول رشيد الفرماوي رئيس الاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية ورئيس الجمعية الشرعية بساقية أبوشعرة يبلغ عدد سكان القرية حوالي 20 ألف نسمة يعمل قرابة 80% منهم في صناعة السجاد منذ نعومة أظافرهم في عمر 7 سنوات وتعتبر من أهم الصناعات بالقرية فضلاً عن العمل بالزراعة. موضحاً أن هذه الصناعة رفعت عن الدولة عبء توفير فرص لأبناء القرية للعمل بالحكومة وبالتالي الشباب لا يحملون هم البحث عن وظيفة ميري لأن العمل داخل القرية وغالباً بالمنزل مضمون. أشار إلي أن تلك الصناعة تقابلها مشاكل قد تؤدي إلي انقراضها حيث أن الصناع يفكرون في هجرها ويسعون للعمل بصناعة الملابس وفي مجال النظافة وبشركات الأجهزة الكهربائية بالقاهرة بسبب عدم سهولة الحصول علي الحرير الخام وكذا ركود المنتج وصعوبة توزيعه. موضحاً أن تلك الصناعة تعتمد بشكل كبير علي السياحة التي تعاني ركوداً الآن. أضاف أن وزارة الشئون الاجتماعية كانت في مهدها تقدم الحرير الخام للصناع ثم تحصل علي المنتج منهم وتقوم بتسويقه من خلال المعارض الداخلية والخارجية.. واتهمها بالتباطؤ لوجود حرير خام بمخازنها منذ 20 عاماً ولا يمكن للصناع الحصول عليه الأمر الذي يتسبب في توقف العمل وفراغ النول من الخيوط مما يؤدي إلي القضاء علي هذه الصنعة التي يجب أن تنمي. قال "الفرماوي" إنه سبق اقتراح بزراعة شجر التوت علي شواطئ النيل داخل المحافظة وتربية دودة القز التي تتغذي علي أوراقه من أجل إنتاج خيوط حريرية مع إقامة مصانع ومصابغ داخل مصر بدلاً من استيراد المادة الخام من الصين كما اقترح المحافظ الأسبق حسن حميدة إقامة مصانع وبجوارها معارض للقري المنتجة منها ساقية أبوشعرة المشهورة بصناعة السجاد وساقية المنقدي المتميزة بصناعة الفخار وهما يتبعان مركز أشمون وذلك بامتداد الظهير الصحراوي بمدينة السادات لكن الاقتراح ذهب في مهب الريح. وأشاد بدور إدارة الأسر المنتجة بالشئون الاجتماعية والصندوق الاجتماعي للتنمية حيث كان يتم منح الصناع قروضاً ميسرة وتوفير المواد الخام ثم تسويق المنتج وبالتالي كان يحصل الصناع علي عائد مجز مما كان يعين الطلاب العاملين بتلك الصناعة علي الانتظام في دراستهم بجانب العمل وعدم التسرب من التعليم وطالب بتشكيل لجنة عليا من وزارة الشئون الاجتماعية والمحافظة للنظر بعين الاهتمام لتلك الصناعة الحرفية لأن إحياءها فيما بعد يعد صعباً رغم أنها صناعة فنية ودقيقة وتحتاج إلي جهد من الصانع من الناحية الفنية لكنها تدر عائداً مادياً علي الأسر وبالتالي ستقلل من الزحام في المواصلات والمدن الكبري كالقاهرة فضلاً عن الاكتفاء داخل القرية والزواج الداخلي للخدمات التي تقدم لأبنائها. أوضح أشرف الخولي "موظف" ولديه نول داخل منزله أنه عقب عودته إلي منزله يجلس علي النول وتقوم زوجته وأبناؤه بمساعدته من أجل توفير المال اللازم لقضاء لوازم أسرته.. مشيراً إلي أن مرتبه من وظيفته لا يكفي احتياجات الأسرة. وأشار إلي أن الشخص لكي يقوم بالعمل بمفرده علي النول يلزمه ترتيب 6 شهور علي الأقل بواقع 14 ساعة يومياً ويحصل نظير ذلك علي أجر يومي يتعدي ال20 جنيهاً ويتم الحصول علي المواد الخام من التجار والمصدرين الذين يشترون الإنتاج بأسعار بخسة.. موضحاً أنه يتم تصنيع السجاد علي 4 مراحل. الأولي إعداد النول وتثبيت الخيوط التي يتم نسج السجادة عليها والثانية تصميم السجادة وتفريغ الرسم إلي ألوان علي ورق الرسم البياني ليسير عليها العمال أثناء التصنيع. والثالثة مرحلة صباغة خيوط الحرير البيضاء للحصول علي الألوان المطلوبة والرابعة إعداد السجادة للبيع بغسلها وكيها وتغليفها. أضاف بيومي ربيع "أحد أبناء القرية" أن صناعة السجادة الواحدة يستغرق عدة أشهر وقد تصل إلي سنة وذلك حسب المساحة المطلوبة وعدد العقد في السنتيمتر علاوة علي الرسم.. مشيراً إلي أن سعر الكيلو من الحرير الخام يتراوح بين ألف جنيه و1200 جنيه ويتم تصنيع المتر بواقع ألف إلي 1200 جنيه وبالتالي يتم بيع السجادة للتاجر بسعر المتر 3 آلاف جنيه والذي يقوم بدوره ببيعها للسياح وأحياناً لبعض الأسر المصرية لمتانة السجادة ونظافتها وعمرها الطويل علي عكس سجاد الماكينات "الآلي". أوضح أن النول عبارة عن خشب يتم تجهيزه بالمنشار وحديد يتم شراؤه من صناع بالقاهرة وهناك الفتايل والكمرة إلي جانب السدي أي الخامات التي تلف علي النول وتصنع.. مشيراً إلي أن النول قد يعمل عليه 5 أشخاص علاوة علي الأسطي الذي يباشر تصميم الرسم علي السجادة سواء رسم وردة أو مسجد أو الكعبة أو أشخاص أو رموز.. إلخ. وطالب الصندوق الاجتماعي ووزارة التضامن الاجتماعي بتوفير الحرير الام للصناع وإقامة معارض داخلية بمصر وخارجية بدول كالسعودية والكويت وقطر والبحرين لتسويق المنتجات من السجاد. قالت حنان مهيدي أعول أسرة مكونة من 4 أبناء في مراحل التعليم المختلفة وزوجي متوفي وليس لنا مصدر رزق سوي النول الذي أعمل عليه بالمنزل ويساعدني علي توفير نفقات الأسرة والأبناء الذين أشجعهم علي مواصلة التعليم. وأوضحت أن المشكلة لديها في توفير الحرير الخام وبيع السجاد المنتج وتوقف الشئون الاجتماعية عن دعمهم بالخامات والتمويل وامتناعها عن شراء المنتج منهم مما يجعلهم فريسة لكبار التجار والمصدرين. كان المحافظ المستشار أشرف هلال قد عقد ندوة بمركز الإبداع والتنمية بشبين الكوم بحضور ممثلين عن القري الحرفية بالمنوفية لمناقشة المعوقات التي تواجه المشروعات الصغيرة مثل السجاد الحريري بالقرية وبحث سبل تقديم كافة التسهيلات لإزالة تلك المعوقات.