يبدو أننا أدمنا المليونيات.. فعندما تنفد أسباب هذه المليونيات نخترع سببا غريبا لمليونية جديدة تحت شعار "اشتري المصري أولا" وكان يجب أن تكون صنعوا المصري أولا. كل شيء في الأسواق أصبح مستوردا بعد أن اختفي المحلي تماما ولا نجد أمامنا سوي هذا المستورد الذي يفرض نفسه علينا فرضا. وودعك من لعب الأطفال وسجاجيد الصلاة وفانوس رمضان ومعظم أصناف الحلوي والأقمشة بعد ان اختفي المنتج المصري نتيحة لإغلاق مصانع النسيج التي كنا نفخر بها والمواد الغذائية اقتحمها الصهيونيون وغيرهم والفاكهة والموز والعنب وغيرها وأصبحت الفاكهة المصرية تقف علي استحياء تستنجد بمشتريها. حتي الفول المدمس نستورده من كاليفورنيا وغيرها ودعك من القمح والأرز فقد اقتحمت الصين اسواقنا وعندما نضرب عن الشراء من المحلات نفاجأ بفتاة تحمل علي كتفها أضعاف وزنها ومن ملامحها تعرف انها صينية تغريك بشراء بعض ما تحمله من مفارش وملابس تسيل لعاب ربات البيوت! سياسة عشناها طويلا.. الاستيراد بدلا من الإنتاج لكي تمتليء جيوب وخزن ودواليب السادة الكبار بملايين الدولارات ونكتوي نحن الذين نضطر لاستهلاك هذه البضائع بأسعارها ونبحث عن المحلي في كل الأسواق فلا نجده. ولدي عمال مصانع الغزل علي سبيل المثال كثير من المشاكل لازال تعشش عقول السادة المسئولين ولا يجدون حلا.. والحل الذي يقدمونه هو استيراد ما تنتجه هذه المصانع بدلا من وجع الدماغ. ولماذا لا تتحول مليونية اشتري المصري إلي تصنيع المصري أولا وتحريم الاستيراد لمدة معينة حتي يتشبع السوق المحلي بمنتجات بلادنا ونصدر ان امكن ما يفيض إلي الخارج؟ لماذا لا نبدأ سياسة جديدة ترتكز علي الاعتماد علي قدراتنا الزراعية والصناعية لكي نحقق الاكتفاء الذاتي ولكن علي ما يبدو غير ما يريد البعض بعد أن اسهب كثير من الكتاب والمتحدثين في التليفزيون وفي الفضائيات علي نشر الخوف من التيارات الاسلامية التي غابت طويلا عن الساحة السياسية ولأنهم لم يعرفوها ولم يجربوها ولم يعيشوا الا في ظل الحزب الواحد حزب الحكومة فقد وضعوا ايديهم علي قلوبهم وهم ينشرون الكثير عن الفزع القادم ويتخوفون من اثاره العدوانية خاصة علي الفن ويحذرون من نتائجه المدمرة التي لن تسمح بالعري أو الفسق أو الفجور. ولن تصنع مصر بالاعتصامات والاحتجاجات وقذف مجلس الوزراء بالطوب والحجارة والأمن الذي لايزال غائبا واصبح يوم الجمعة الذي كان عيدا عبئا علي الجميع بلا استثناء.. ولن تصنع مصر بالأغاني واعادة لدور ثورة 1919 واستضافة شباب واللهث وراء كل ما يريده. مضي عام - يوم السبت الماضي - علي قيام بوعزيز التونسي علي حرق نفسه والهب ثورات الربيع العربي.