من الآن يجب أن يفرق حزب العدالة والحرية الإخواني وحزب النور السلفي بين ممارستهما العمل السياسي علي مرجعية دينية وبين الدين الإسلامي كدين سماوي أنزل هداية للناس جميعاً لأن فوزهما بالانتخابات سيؤدي إلي عواقب بعضها مرعب ومخيف علي الجميع. أول تلك العواقب أن تشدقهما بالمنهج الإسلامي في الحكم وإدارة الأمور سيضع الدين الإسلامي ككل علي المحك وهو أعظم وأسمي من ذلك بكثير بمعني إن فشل الاخوان والسلفيون في إدارة شئون البلاد كأغلبية متوقعة في البرلمان لن يحسب عليهم كأفراد لكنه سيفتح أبواب اجتهادات الدنيا بأسرها حول فشل نظرية الحكم في الإسلام في اصلاح الأمور داخل مصر خلال هذه المرحلة الانتقالية الصعبة. كما أن رموز التيارين الاخواني والسلفي عليهم من الآن وغداً ومستقبلاً أن يتخلصوا من فكرة انهم وكلاء الدين لأنه لا يوجد وكيل ودستور لهذا الدين الحنيف غير القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأن هذا الدين استمر لأنه دين سماوي خاتم للاديان جميعاً وأن الإسلام لم ينتشر بالعنف والدموية ولا بحد السيف كما يدعي بعض أعداء هذا الدين بل عليهم أن يثبتوا للعالم جميعاً أنه دين التسامح والاخاء والمساواة والعدالة والحرية وهي جميعا أهداف للثورة المصرية التي قامت لتغير نظاماً فاسداً لتأتي بهم خلفاً للفساد ونتمني أن يكونوا أفضل وأقل فساداً وأكثر إصلاحاً. ان قيادات التيارين عليهم الصمت كثيراً قبل الكلام لأن الكثيرين منهم لا يجيدون التحدث بل إذا تحدثوا نطقوا كفراً ومثال ذلك من ادعي أن من ينتقده كمن ينتقد الرسول صلي الله عليه وسلم ومن يهاجمه فإنه يهاجم الدين الإسلامي وهي أمور أقل ما توصف به أنها تخرج من جهلاء لا يدركون ما يقولون فيتحول الانطباع السييء إلي الدين وليس إلي الأشخاص وهذه أم الكوارث. خلاصة القول نحن أمام حالة جديدة علي المجتمع المصري أقل ما توصف به بالضبابية لأننا باختصار قمنا بثورة لتدعيم الحريات فإذا بنا سنواجه تياراً متشدداً محافظاً قد يحكم البلاد ويدخل بها إلي غياهب الظلمات وفق تصريحات وبرامج واخطار مرشحي قوائمهم وليقل لي عاقل واحد ما شكل مصر مستقبلاً في ظل أغلبية متشددة تفكر في القضاء وتحجيم السياحة التي تدر أكثر من 13 مليار دولار سنوياً لمصر؟ واذا تراجع هذا التيار المتشدد عن حربه ضد السياحة فكيف له سينهض بمصر اقتصادياً مستخدماً نفس آليات الأنظمة السابقة ومنها السياحة؟ والسؤال الأكثر صعوبة وعلي الإسلاميين أن يردوا عليه الآن هو كيف سيتعاملون مع النشاط المصرفي والبنوك وفوائدها وقروضها وهم الذين يحرمونها منذ سنوات طويلة ويقتنعون ويؤمنون بمباديء الاقتصاد الإسلامي من المشاركة والمضاربة والمرابحة بل ويزداد الأمر تعقيداً بميولهم وأفكارهم القائمة علي القروض الحسنة التي تصل فيها الفائدة إلي صفر مما يؤدي في النهاية وفق الاعراف الاقتصادية إلي تآكل رءوس أموال البنوك التي ستعمل وفق هذا النظام. المآخذ كثيرة علي التيار الإسلامي السياسي ولهذا لابد من توضيح الكثير من المفاهيم مع ضرورة أن يفصل بين عمله السياسي واتجاهاته الدعوية حتي لا ندخل في متاهة صعب الخروج منها خاصة أن مصر ليست السعودية ولا إيران ولا تركيا في جميع النواحي وهذا للعلم.