كان المشهد رائعاً في تونس الثلاثاء الماضي وهم يستقبلون ميلاد مجلس شعب جديد بعد ثورة عظيمة كانت باكورة الثورات العربية بالمنطقة أطاحت بنظام فاسد .. كان المشهد يدعو للزهو والفخار في البلد الشقيق في حين الوضع عندنا كانت تملؤه الحسرة والألم ونحن نري جثث أبنائنا تُسحل وتلقي وسط القمامة بميدان التحرير!!! كانت لحظة فارقة في تاريخ تونس الخضراء كما وصفها فؤاد المبزغ الرئيس المؤقت والمنتهية ولايته للبلاد في بدء كلمته لأعضاء المجلس التأسيسي الجديد والذي طالبهم فيها بالوفاء لدماء الشهداء وتغليب المصلحة العامة والانتماء للوطن.. لحظة فارقة مرت بهم ولحظات صادمة عشناها وأعيننا وقلوبنا تصطدم بأبشع المناظر التي لم نتوقع أن نراها بعد قيام ثورتنا العظيمة.. وبعد أن رأينا حبيب العادلي والمخلوع وولديه وغيرهم ممن اقترفوا جرائم في حق الوطن تتم محاكمتهم في محاكمات مدنية عادلة..! صعقتنا الحقيقة ونحن نري فلذات أكبادنا يصارعون الموت علي أسفلت التحرير ويُنكل بهم أشد التنكيل بوكز رؤسهم بالسلاح الميري والهراوات الغليظة ولا يتركونهم إلا بعد أن يتأكدوا أن أرواحهم قد زهقت.. و"جدع ياباشا"!! وفي ظل هذا التحول الوحشي في المشهد والذي لا يوجد ما يبرره بأي حال في الأعراف والقوانين والشرائع فليتذكر المتذكرون أن كل هذه التحديات التي تواجه الثورة المصرية الآن مر بها الشعب التونسي لدرجة أنه تم عرض فيلم هناك بإحدي القنوات يجسد الذات الإلهية ما كان يمثل أعلي درجات الاستفزاز لشعب مسلم ورغم هذا استطاعت تونس اجتياز تلك الألغام وظلت تخطو نحو هدفها حتي نجحت في تحقيق التوافق بين القوي الليبرالية والإسلامية في البلاد بوضع أول لبنة في بناء الجمهورية الثانية من خلال مجلس تأسيسي منتخب. نحن واثقون أن مصر ستجتاز هذه المرحلة المؤلمة في تاريخها وستتوج ثورتها رغم أنف الكارهين ببرلمان منتخب جديد.. ودستور جديد ورئيس جديد.. والله غالب علي أمره.