تونس انتخبت، وبدأت فى إرساء خطوات تأسيس ما يوصف ب«الجمهورية الثانية» من خلال بدء أعمال المجلس التأسيسى للدستور أمس الثلاثاء. الجلسة الافتتاحية للمجلس جاءت وسط تعزيزات أمنية مشددة، بعدما أعلنت الأحزاب الثلاثة المتحالفة رسميا تقسيم مقاعد الرئاسة، بحيث يتولى منصف المرزوقى رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الرئاسة، بينما يترأس المجلس التأسيسى مصطفى بن جعفر رئيس حزب التكتل الديمقراطى من أجل العمل والحريات، فيما حاز حزب النهضة الإسلامى على منصب رئيس الوزراء الذى سيتولاه حمادى الجبالى، بعدما نالت 89 مقعدًا من أصل 217. ينتظر تصديق المجلس التأسيسى على تلك المناصب الثلاثة، ليبدأ المجلس فى أعماله التى تتركز فى صياغة دستور جديد لتونس، وإدارة مؤسسات البلد لفترة انتقالية، وتحديد ملامح السياسة العامة فى تونسالجديدة والإشرف على السلطات التنفيذية والتشريعية لحين الانتهاء من وضع الدستور. افتتح الجلسة أكبر الأعضاء سنا وهو الطاهر بن محمد هملية، 73 عاما، ثم تحدث عقبها فؤاد المبزغ الرئيس المؤقت فى خطبة استهلها بالترحم على أرواح شهداء الثورة التونسية، وتأكيد أن هذا المجلس سيدافع بكل قوة عن مكتسبات تلك الثورة حتى لا تذهب دماؤهم هدرا، تمهيدا لتسليم منصب الرئاسة التى وصفها ب«الأمانة التى سعى للحفاظ عليه لمن يختاره الشارع التونسى». لكن وسط تلك النبرة التفاؤلية الكبيرة التى قد يعتقد البعض أنها سائدة فى تونس، فإن هناك منغصات عديدة أبرزها وجود حزب العريضة الشعبية، ثالث أكبر كتلة فائزة فى المجلس بحصوله على 26 مقعدا والذى شكل «نقطة سوداء» فى ثوب الانتخابات الأبيض بحسب مراقبين، والذى يتهمه بعض رموز السياسة التونسية باحتوائه على «فلول» ومؤيدى الرئيس التونسى الهارب زين العابدين بن على. رئيس حزب العريضة الهاشمى الحامدى، أبى أن تبدأ جلسات المجلس التأسيسى دون أن يعكر صفوها، بعدما وصف المجلس بأنه «فاقد للشرعية السياسية والأخلاقية»، وذلك بعد رفض المبزغ -على حد قوله- الاعتذار عما وصفه ب«حملة الكراهية والإقصاء» التى مارسها ضد حزبه، ورفض حزب النهضة دخوله فى الائتلاف على المناصب الرئيسية فى الدولة.