ما أعرفه أن الثورات دائماً ما تفرز أبطالاً أو قيادات يتولون توجيه دفاتها نحو تحقيق أهدافها التي قامت من أجلها أو أن يكون هناك قيادات وأبطال تتولي الاعداد لتلك الثورة في مهدها. في ثورتنا تلك التي قام بها شباب مصر وجدنا مئات الآلاف من الأبطال يفجرون الثورة لكنهم لم يتفقوا علي بطل واحد يدير الدفة فعشنا ونعيش منذ اندلاعها في يناير الماضي حالة من الثورات والفورانات والاحتجاجات التي لا تتوقف ولن تتوقف إلا لو كان رد الفعل من المجلس العسكري علي قدر تلك الثورة. وليس من المعقول ولا المقبول حينما نشكل حكومة للانقاذ الوطني لثورة شباب أن تأتي بالدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق وهو من مواليد 1934 أي انه تجاوز السابعة والسبعين ربيعاً كيف سيتحدث رجل في مثل هذه السن مع شباب تتراوح أعمارهم ما بين العشرين والأربعين قاموا بتلك الثورة؟ أي لغة تفاهم تلك التي سيتواصل بها الأفراد والتكتلات والائتلافات مع رئيس وزراء خرج من الساحة منذ أكثر من 12 سنة. والسؤال الأهم ألم يكن كمال الجنزوري واحداً من رجال مبارك مستشاراً ثم وزيراً ثم رئيساً للحكومة علي مدار أكثر من 3 سنوات وعدة أشهر؟! أليس كمال الجنزوري هذا الذي ورطنا في مشروع توشكي الذي استنزف ثروات مصر بنفقات يومية طائلة أثقلت الموازنة العامة للدولة وكانت نتائج ذلك المشروع هزيلة لم تحقق طموحات الشعب وذهبت ثماره إلي مجموعة من المقربين للنظام السابق سواء كانوا عرباً أو أجانب أو مصريين؟ أليس الجنزوري هذا هو من فتح الباب أمام خروج العملات الأجنبية وحرية تنقلها خارج مصر فخسرت البلاد ما يقرب من ملياري دولار خلال أيام معدودة بسبب قراراته وتأثرت احتياطياتنا من النقد الأجنبي فعشنا فترة طويلة نعالج سياساته غير الحكيمة التي أضرت أكثر مما نفعت. اذن فنحن أمام حالة رئيس حكومة انقاذ يحتاج من ينقذه وليس الجنزوري هو ذلك الساحر الذي سيحقق طموحات ثورة شعب.. الجنزوري من وجهة نظري رئيس وزراء مصر في فترة التسعينيات لكنه ليس برئيس وزراء مصر الثورة. مصر يا سادة في حاجة لمن يفهم لغة الشباب ومن يحكم قبضته علي الأمن ليعيده إلي البلاد.. نعم في حاجة إلي تجربة جديدة تتناسب مع ثورة الشعب والشارع نحتاج إلي رئيس وزراء خبير وشاب في نفس الوقت يعرف كيف يفكر ويحلم ويتمني الشباب رئيس وزراء يكون علي مسافة متساوية من كل القوي والطوائف السياسية دون تمييز. مصر يا سادة تحتاج إلي رجال يفكرون كالشباب ولسنا في حاجة إلي توابيت وأكفان تنتظر علي أبواب مجلس الوزراء لتنقل وزراء المعاشات إلي مثواهم الأخير.. وهذا يكفي.