لا أدري الي متي سنظل نفتش في دفاترنا القديمة ولا ننظر الي المستقبل.. متي ندرك ان الثورة وسيلة وليست غاية.. وسيلة للإصلاح السياسي والإجتماعي. ولا إصلاح بغير عمل متواصل ودءوب. فالمشوار مازال طويلاً حتي نجني الثمار؟! نظرة خاطفة وسريعة علي برامج "التوك شو" المنتشرة بفضائياتنا ستوضح حجم المعضلة المسيطرة علينا. فالجميع يتسابقون ويجتهدون.. يتفقون ويختلفون من أجل الوصول الي حقيقة واحدة مفادها ان النظام السابق كان فاسداً وكأن هناك من يقول عكس ذلك!! الأحاديث كلها تدور حول الفساد وإقصاء الفلول عن الساحة السياسية ومحاكمات رموز النظام السابق. وهي أمور لا نقلل من أهميتها.. لكننا لم نسمع خبيراً واحدا من الضيوف - وهم جميعاً من الأسماء الكبيرة اللامعة - يتحدث عن المستقبل وكأننا استعذبنا العيش اسري للماضي دون التطرق الي مشاكل الوطن وهي كثيرة وتحتاج الي عقول العلماء وسواعد الشباب لمواجهتها. سواء في قطاعات الصحة والتعليم أو المواصلات والإسكان أو حتي المرور فالسير في شوارعنا بات عقوبة يومية. لم تهتم فضائية واحدة بمناقشة الأزمة الإقتصادية بعد ان اصبح الإحتياطي النقدي لا يكفي لشراء مستلزمات البلاد لأكثر من ثلاثة أشهر.. لم يسع أحد لإقامة مائدة حوارية تضم كافة الأطياف السياسية لطرح مشروع قومي يوحد الصفوف وينهض بالبلاد خلال السنوات المقبلة. لم تتناول الفضائيات أيضا قضايانا الخارجية وأمننا القومي في ظل التصعيد الإسرائيلي بعد التصريح الخطير لعضو الكنيست "بنيامين بن اليعازر" وزير الدفاع الأسبق وتحذيره من تقليص الميزانية العسكرية لأن تل أبيب ستكون مضطرة الي خوض حرب جديدة مع مصر. هذا التصريح سبقه إعلان وزير الصناعة والتجارة "شالوم سمحون" بتقديم دعم لكينيا في مجال إدارة مياه النيل وبناء السدود. بما يعني فتح جبهة جديدة مع دول الحوض. وهو أمر سيؤثر بلا شك علي حصتنا من المياه ويهدد أمننا المائي علي المدي القريب والبعيد. إعلامنا - فضائيات وغير فضائيات - بحاجة أكثر من اي وقت مضي الي استحضار روح الوطنية ومواكبة طموحات الشعب الذي يبحث عن الأمن والاستقرار وبارقة أمل في المستقبل بدلاً من التنافس في إشعال الاجواء والبحث عن الإثارة التي يمكن ان تقودنا الي فوضي مدمرة. *** د.صفوت حجازي حذر خلال مشاركته في "جمعة المطلب الوحيد" من انه في حالة عدم تسليم السلطة للمدنيين قبل منتصف العام القادم سنقوم "نحن" بإختيار رئيس من الميدان وإصدار مرسوم له بدلاً من المجلس العسكري. والسؤال: ما المقصود ب"نحن".. هل هم مجموعة د.حجازي.. أم التيارات ذات الصبغة الإسلامية.. أم التحرير.. أم الثوار.. أم الشعب الذي أصبح الجميع يتحدث باسمه دون تفويض؟!