بدأ العد التنازلي لانتخابات مجلس الشعب بالإسكندرية وفي وقت من الأوقات كانت شوارع الإسكندرية تشتعل حركة خلال الانتخابات أما الآن فالمعركة الانتخابية ما هي إلا منافسة "حزب الحرية والعدالة" الجناح السياسي لجماعة الإخوان لنفسه فقط فيصول ويجول بمؤتمرات ومسيرات ولافتات كما يشاء فلا توجد أحزاب أمامه. وكذلك الحال بالنسبة لمرشحي المقاعد الفردية فالإخوان هم المكتسحون مبكراً.. ومن يقارن ما بين انتخابات عام 2005 والتي فاز فيها الإخوان أمام الحزب الوطني المسيطر في ذلك الوقت بثمانية مقاعد نجد أنه كان هناك معركة انتخابية وتنظيم سياسي أما الآن فالإخوان يبذلون أقل مجهود يمكن أن يذكر سواء من القوائم أو المستقلين والانتخابات بالنسبة لهم ما هي إلا حالة من استعراض القوي سادها لهجة استعلاء وتكبر. خاصة في المؤتمرات التي يشارك فيها "صبحي صالح" والذي أصبحت لهجته الهجومية شديدة المحتوي بالرغم من أن شعبية "المحمدي سيد أحمد" "عمال" شريكه في مقاعد مجلس الشعب في "2005" تفوقه بكثير لتواجده الدائم بين أبناء دائرته بالرمل عكس "صبحي". وبوجه العموم فإن الإخوان تستخدم في خطابها الانتخابي تارة الهجوم علي الحزب الوطني المنحل وقياداته السابقة وتارة أخري علي المجلس العسكري بصورة مبالغة ثم يتذكرون أنهم تيار ديني فيركزون أحياناً علي الناحية الدينية في مهاجمة سياحة البكيني والخمور.. وتتركز دعاية الإخوان وخططهم السياسية التنظيمية علي الاستفادة من أخطار حزب النور السلفي لكسب تعاطف المواطنين معهم علي حساب "حزب النور" مثل مهاجمة "النور" لليبراليين والعلمانيين وتهميش دور المرأة وآرئهم حول الأقباط. قوائم الأحزاب ** ونعود لنأخذ صورة أكثر اتساعاً للأجواء الانتخابية بالثغر إن وجدت.. فأغلب المرشحين من قوائم ومقاعد فردية يخوضون الانتخابات بجهل سياسي ودون تنظيم أو قدرة علي معارك انتخابية وبلا أي استعدادات تذكر لمناديب ومراقبي لجان ومعرفة دقيقة بأبعاد معركة التصويت والتي تفوق خطورة الاستعداد للانتخاب وهو ما تتقنه جماعة الإخوان المسلمين.. فإذا نظرنا في البداية إلي قوائم الأحزاب فنجد أن المنافس الأول للإخوان هم الجماعة السلفية ممثلة في "حزب النور" وللأسف فإن قوائم "حزب النور" تضم شخصيات غير معروفة علي مستوي الشارع السكندري وتفتقر إلي الكاريزما السياسية وبالتالي فإن أغلب مؤتمرات الحزب يتزعمها "عبدالمنعم الشحات" المرشح الفردي بالمنتزه.. وبالرغم من أن حزب النور أصدر العديد من الدعاية الورقية شرح فيها مبادئه إلا أن اللهجة المتعصبة في خطابه بالمؤتمرات جاءت مناقضة لما قام النور بالاعلام والاعلان عنه ورقياً.. ويعتمد "حزب النور" علي أعداده الكبيرة بالإسكندرية والتي تفوق بكثير أعداد الإخوان المسلمين.. وتواجه الإخوان مشكلة كبيرة بالفعل في قائمة غرب الإسكندرية أي القائمة الثانية لكونها تفتقد الشعبية الكبيرة في العامرية وبرج العرب واللبان بينما قوتها مناصفة مع "السلف" المسيطرين علي هذه المناطق بالإضافة إلي أن الدخيلة هي مقسمة بين الطرفين ولا يبقي سوي دائرة مينا البصل التي هي بالفعل منطقة قوة للإخوان. الدائرة الثانية طاردة للإخوان سواء كانت غربال أو محرم بك أو المنشية وحتي الجمرك. يشاركهم فيها السلف وكذلك الحال بالنسبة للعطارين وكرموز وباب شرقي.. وينعكس الحال بالنسبة للقائمة.. الأول حيث يسيطر الإخوان علي منطقة الرمل أول وثاني ويتقاسمون القوة مع السلف في المنتزه أما سيدي جابر فهي منطقة وسطية وتميل للحياد بين الجبهتين.. والواقع ان الحديث عن القوتين قد يطول. خاصة ان قوائم الإخوان هي الأخري تتميز بالضعف وغير معروف فيها سوي رءوس القوائم "صبحي صالح" بالأولي و"حسين إبراهيم" بالثانية أما باقي القائمتين فيعتمد مرشحوها علي أن الإخوان يعتمدون علي الولاء والطاعة وسيقومون بمنح أصواتهم لمرشحيهم.. وبوجه العموم.. إذا ما كان السلف والإخوان يعتبرون أن القوائم هي اختبار لشعبيتهم ويعلمون جيداً أنهم سيتخطون الانتخابات دون مشقة الحشد فإنه وبكل تأكيد هناك تنسيق كامل علي المقاعد الفردية ولعل أشهرها الدائرة الأولي التي تعتبر شبه محسومة بين عبدالمنعم الشحات "سلف/ فئات" ومصطفي محمد "إخوان/ عمال". أما الدائرة الثانية فهي محل صراع بين "محمود الخضيري" و"طارق طلعت" والاثنين ميولهما إخوانية والأول يدعمه الإخوان علناً والثاني سراً لكونه من الفلول. أما المقعد العمالي فسيكون من نصيب "المحمدي سيد أحمد" "عمال/ إخوان" وهكذا. ** أما عن باقي الأحزاب فبالرغم من اعتقاد البعض أن "حزب الوسط" وهو أيضاً حزب إسلامي والمتحد مع "حزب الريادة" خلال معركته بالإسكندرية إلا أن حزب الوسط والذي يعتلي قائمته الثانية "خالد داود" أمير الجماعة الإسلامية في السبعينيات ويواجهه "حسين إبراهيم" "إخوان" وأحمد خليل "سلف" إلا أن الحزب بدأ تحركه متأخراً جداً في صورة مسيرات ولا يعلم رجل الشارع السكندري عنه شيئاً ولا أحد يدري كيف يخطط ولا أين يتواجد مرشحوه وربما يكون "حزب الوسط" أقوي في بعض المحافظات إلا أنه بالإسكندرية يفتقد الكثير ربما لقوة رأس مال الإخوان في دعايتهم المبالغ فيها. أما باقي الأحزاب.. فهناك أحزاب قديمة كان لها باع مع الحزب الوطني المنحل ولكنها لا تتعلم من أخطائها وستظل أبد الدهر مجرد أسماء لأحزاب يلمع رءوسها في المركزية ويدفن أعضاؤها في المحافظات. فحزب "الوفد" لا يملك القدرة التنظيمية لأي عملية سياسية والانتخابات أكدت ذلك وقوائمه مهلهلة وتضم فلولاً من الوطني أنكروا انتماؤهم لحزبهم بعد سقوطه فسقطوا معه ونجد أن المرشحين علي قوائم الوفد كلا يدعو لنفسه بعيداً عن القائمة فمن يملك يضع صوره ولافتاته في جميع المناطق ومن لا يملك فينتظر اتفاقيات الحزب النهائية مع القوي الأخري لينجح في الزحمة.. ولا يستطيع حزب الوفد مثله مثل الجبهة والتجمع والأحرار والغد سواء غد موسي أو أيمن نور تنظيم مسيرة تماثل مسيرة الإخوان أو السلف فهم لا يملكون المال ولا العضوية الكبيرة ولا التنظيم وقد كشف سقوط الحزب الوطني مدي وهن هذه الأحزاب إضافة إلي أحزاب انضمت إلي التحالف وهي أيضاً لا تملك القوي علي أرض الواقع.. أما الأحزاب الجديدة والتي تضم في قوائمها سواء من شباب الثورة أو أعضاء الحزب الوطني المنحل فلا تملك هي الأخري أي تخطيط سياسي لمعركة انتخابية ولا يوجد لأغلب الأحزاب مقرات أو أمناء محافظات أو هيكل لخوض معركة كبري ومن يملك المال قام بوضع لافتات تضم قائمته أو دعايته الفردية علي القوائم وباقي الأحزاب ظلت تعمل في الخفاء في انتظار الفرج منهم "حزب المحافظين" وحزب مصر الثورة ومصر القومي والمصريين الأحرار الذي اشتهر بفضائحه وبلاغات أعضائه ضد بعضهم البعض والاصلاح والتنمية وحقوق الإنسان والمواطنة والمواطن مصري.. وأحزاب أخري أعدادها لا تحصي ولا يوجد لها وجود انتخابي علي أرض الواقع ويبدو أن مرشحيها يتنافسون داخل منازلهم فلم نسمع عن مؤتمر حاشد لهذه الأحزاب أو مسيرات تسببت في قلق سياسي للإخوان.. ونعود لنذكر أن كل مرشح في قائمة يعمل بمفرده حسب قدراته المالية وينفصل تماماً عن حزبه وقائمته ولا يعلم عنها شيئاً. المقاعد الفردية أما المقاعد الفردية فهي صورة للسعي للشهرة فقط لا غير فالدوائر المتسعة جعلت كل مرشح يتقوقع في دائرته وربما دائرة مجاورة له ويعمل باقي الدوائر ويركز دعايته حسب امكانياته في منطقة دون الأخري وحتي هذه اللحظات لم نسمع عن مرشح مستقل في دائرة كان نداً لمرشحي السلف أو الإخوان. وربما ذلك ما خطط له الإخوان منذ البداية بالدفع بأعضاء مجلس الشعب السابقين والمعروفين بالثغر علي المقاعد الفردية لضمان النجاح واكتفوا بوضع القيادات علي رأس القائمة. ** وبوجه العموم فإنه لا توجد انتخابات حقيقية بالإسكندرية. فالإخوان ينافسون أنفسهم ويليهم السلف.. ولو أن الأحزاب أولت اهتمامها بالإسكندرية لكان هناك شأن آخر. ولعل مرشحي الحزب الوطني المنحل علي المقاعد الفردية سيتلقون درساً قاسياً في معرفة حجمهم الطبيعي بالشارع السكندري بعد أن خاضوا انتخابات بدون تنظيم يذكر.. كما ستشهد الانتخابات انهيار أسماء ورموز سياسة كبيرة في الإسكندرية رشحت كمستقلين لتلقي نهاية قاسية لتاريخهم الطويل.. ولا يبقي أمام الأحزاب بوجه العموم سوي البحث عن صفقة مستترة مع "الإخوان المسلمين" لاقتحام رءوس قوائمها في البرلمان حفاظاً علي ماء الوجه أولاً وحتي يشهد البرلمان تنوعاً سياسياً حتي ولو بالكذب فلا أرضية لحزب سياسي بالثغر ولا يوجد تنظيم سياسي يذكر.. ولو كانت الجماعة السلفية تملك الفكر والتنظيم السياسي ولباقة الخطاب الديني لكانت اكتسحت الإسكندرية مبكراً دون الانتظار لأي اتفاقيات مع فيلق ديني آخر.