في رأيي.. مازالت وزارة الخارجية ووزيرها محمد كامل عمرو تتبع أسلوب الدبلوماسية الناعمة الذي كان يتبعه الوزير الأسبق أحمد أبوالغيط في القضايا التي تمس مصالحنا المباشرة وغير المباشرة.. بل انني أري انها دبلوماسية مفرطة في النعومة إلي الدرجة التي تهبط بها إلي الخمول. إسرائيل علي لسان رئيسها شيمون بيريز توجه تهديدا مباشرا وصريحا لايران باستخدام الخيار العسكري لمنعها من امتلاك اسلحة نووية بعد ان بات هذا الامر وشيك الوقوع كما ادعت.. قال بيريز ان تل ابيب اقرب الآن لاستخدام الخيار العسكري مع إيران بدلا من الخيار الدبلوماسي. وتساهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذه الحملة الشرسة ضد إيران حيث اعدت تقريرا بأن طهران بنت حاوية فولاذية كبيرة لإجراء تجارب علي متفجرات قوية يمكن ان تستخدم في الاسلحة النووية. لكن إيران تؤكد ردا علي تقرير الوكالة.. ان هذا التقرير الذي اعده مديرها يوكيا أمانو لم يعتمد علي معلومات من مفتشي الوكالة بل علي معلومات استخبارية امريكية. ودعا وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي الوكالة الدولية إلي تجنب الضغوط التي تمارسها الدول الكبري. أمريكا وسط هذه الأجواء تساعد في تأكيد التهديدات الإسرائيلية فتقول ان لديها مخاوف "اكيدة" باحتمال ان تقوم تل ابيب بتوجيه ضربة عسكرية لطهران دون ان تطلعها بشأن هذه الضربة مسبقا. وهنا نسأل: هل تستطيع إسرائيل التي يعتمد وجودها او عدمه علي أمريكا ان تتصرف بمعزل عنها وتعرض مصالحها للخطر؟! هل هذا يخطر ببال أحد؟! خاصة ان ايران اكدت ان اسرائيل لا تستطيع استيعاب تأثيرات هذه الهجوم الذي هددت به لان ردها - اي إيران - سيكون مكلفا في حال اغلاق مضيق هرمز الذي يستخدم في نقل 40 في المائة من كمية النفط المتداول في العالم. من هنا فإن أمريكا حذرت- علي لسان مسئول عسكري- من ان الطائرات الاسرائيلية التي ستستخدم في ضرب إيران سوف تواجه تهديدا حقيقيا نظرا لامتلاك ايران انظمة دفاعية من الدرجة الأولي. اذن.. المنطقة بأسرها تواجه تهديدا حقيقيا من مغامرة اسرائيلية غير محسوبة. ورد إيراني قد يتسبب في إحداث دمار بالمنطقة يطول كل دولها بشكل أو بآخر.. فأين مصر من هذا كله؟! التهديدات تطولنا لا شك في ذلك ونحن نتابع في صمت.. ولايبدو لنا موقف محدد وكأن الأمر لايعنينا.. مع اننا في قلب الحدث.. فلماذا لاتسارع وزارة الخارجية باصدار بيان قوي يحذر اسرائيل من الإقدام علي فعل غير محسوب قد يعيد دول المنطقة عشرات السنين إلي الخلف. أليست إيران دولة مسلمة.. واي عمل اسرائيلي اخرق سوف يؤثر عليها وعلي كل الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج العربي؟! فلماذا نقف مكتوفي الايدي؟! ولماذا نقف دائما علي الهامش.. نعتمد علي رد الفعل الذي قد يأتي متأخرا بعد ان "تقع الفاس في الراس" كما يقولون. لقد سبق ان قلت للوزير الاسبق ابوالغيط ان الدبلوماسية احيانا يجب ان تتصف بالخشونة.. بل احيانا لابد ان يكون لها انياب.. واكرر هذا القول للوزير محمد كامل عمرو. تصحيح: في مقال الأمس وفي الفكرة التي كتبتها عن الكاتب الكبير الاستاذ محمد العزبي حدث خطأ مطبعي حيث قلت انه "لم ينزلق إلي ممالأة النظام السابق" لكن كلمة "ممالأة" حلت محلها كلمة "مائدة" فجاء المعني بعيدا جدا عن المضمون.. لذا لزم التنويه.