في صحيفة "القبس" الكويتية كان هناك خبر مثير عن قيام سائحة يابانية بتلقين تاجر آثار مصري درسا لن ينساه حيث أشبعته ضربا علي طريقة لاعبي الكاراتيه حينما حاول التحرش بها جنسيا بعد أن أخذها إلي شقته ليريها مجموعة آثار يحتفظ بها في منزله بالاسكندرية. وطبقا للصحيفة فإن التاجر استنجد بالشرطة حيث توجهوا إلي منزله ليجدوه في حالة يرثي لها في حين قالت السائحة اليابانية انها حاصلة علي الحزام الأسود في اللعبة وانها دافعت عن نفسها بعد أن هاجمها التاجر الذي خدعها وأوهمها بوجود الآثار في شقته..! والحكاية قد تبدو طريفة. ولكنها في الواقع مؤلمة ومخزية فهي تروي وتعكس ثقافة مجموعة من الجهلاء والانتهازيين اقتحموا مجال السياحة والتعامل مع السائحين وأساءوا الأدب والتصرف. وكونوا ثروات ضخمة من النصب والتحايل والاتجار بالآثار وقاموا بالكثير من الأعمال التي تقع تحت طائلة القانون الذي كان هو أيضا غائبا عنهم لفترات طويلة فتركهم يمرحون ويسرحون ويصلون إلي حد التحرش الجنسي والاغتصاب أيضا. وقد كتبنا من قبل العديد من المقالات عن الدخلاء الذين أساءوا لمهنة السياحة والذين ينظرون إلي السائح الأجنبي القادم إلي بلادنا علي انه فريسة ينبغي التهامها بأي شكل كان سواء باستنزافه ماديا أو جنسيا..! والحكايات كثيرة ومتنوعة تترجم أحلام وتطلعات العديد من المتعاملين مع السائحين في جنوب مصر والذين تتركز كل أمانيهم لحل مشكلاتهم الحياتية في "اصطياد" أي "خوجاية" للزواج منها والاستيلاء علي كل ما لديها من أموال أتت بها معها أو يمكنها أن تحصل عليها من وطنها. وقد لا يكون هناك عقوبة قانونية في هذا الزواج غير المتكافيء ولكن ما ينجم عنه من عواقب تتمثل في اتهامات بالنصب والتحايل والابتزاز انما تمثل إهدارا وتحطيما لقيم ومباديء أخلاقية كانت تمثل واجهة مشرفة لبلادنا في الترويج السياحي وطمأنة السائحين علي أن يدخلوا بلادنا في سلام آمنين. والذين لا يجدون الفرصة مواتية وسانحة لاصطياد سائحة عجوز أو أرملة أو تعاني الوحدة للزواج فإنهم يلاحقون السائحات في جولاتهن السياحية ويتحرشون بهن بطريفة فجة ووقحة تصل إلي مد الأيدي والشد والجذب إلي جانب كل أنواع الكلمات البذيئة والخارجة عن الآداب التي تتردد في كل مكان ظنا من هؤلاء الحمقي ان السائحين لا يفهمون ما يقال. ومن يتردد علي منطقة خان الخليلي والحسين والأهرامات وما حولها من مناطق سياحية وفي الأقصر وفي أسوان سوف يلمس ويجد ويتعرف علي نوعيات دنيا وطبقة مخيفة من بعض الذين يتعاملون مع السائحين تجعله يتساءل ويتعجب كيف يمكن أن يأتي أي سائح أجنبي لزيارتنا بعد ذلك..!! وقد انتقلت البلطجة إلي مهنة السياحة أيضا بحيث أصبح في كل مكان مجموعة من البلطجية الذين يقومون بتأديب وإرهاب من يتدخل لحماية أي سائح أو من يسدي النصيحة لهم بحسن التعامل مع هذا السائح وعدم استغلاله والنصب عليه. ويتولي أصحاب هذه العقليات الجاهلة مهمة ابعاد السائحين المصريين إلي هذه المناطق والتعامل معهم بجفاء حتي لا يأتوا مرة أخري وحتي يخلوا المكان لهم وحدهم بلا شاهد علي جرائمهم أو رقيب. ان السائحة اليابانية التي تجيد لعبة الكاراتيه استطاعت أن تنجو وأن تحصل علي حقها بنفسها وأن تلقن تاجر الآثار درسا لن ينساه ولكن ماذا عن الباقين الذين يهربون بأفعالهم وجرائمهم والذين يضرون بهذه الأعمال بلدا بأكمله ويهدرون الفرصة الأفضل لنا في زيادة عائدات هذا البلد من السياحة فهي الصناعة الوحيدة التي نملك كل مقوماتها ونهدر بأيدينا كل هذه المقومات.. ونبكي عندما تضيع أو تسرق لوحة فنية واحدة مع ان لدينا كل الكنوز التي لا نراها.. ولا نستطيع الحفاظ عليها فنحن لا ننظر إلا تحت أقدامنا فقط.. وتلك مشكلتنا في كل شيء..!! ** ملحوظة أخيرة: لو ان كل "حاج" التزم بتعاليم دينه بعد العودة من الحج.. لكان لهذا الوطن شأن آخر..!