كانت رسالة قصيرة جداً عبر الإيميل من متطوع تعاطف مع حالة إنسانية تقابل معها بالصدفة يطلب فيها متبرع بكلي لطفل عمره تسع سنوات سبق وان تبرعت أمه باحدي كليتيها لشقيقته الصغري. علمت ان وراء هذه السطور البسيطة محنة كبيرة وهذا ما علمته من الأم التي كان لي معها لقاء طويل اسمها أماني أحمد لم تبلغ الثلاثين بعد تزوجت منذ حوالي عشر سنوات من أحد اقاربها واقامت معه في بلدتهم بالصعيد بدأت محنتها منذ ثلاث سنوات مع ابنها الكبير "كريم" الذي اصيب فجأة بفشل كامل بالكليتين وتقرر انتظامه علي ثلاث جلسات غسيل اسبوعياً.. بعد عام واحد اصيبت شقيقته "تغريد" بنفس المرض ودخلت دوامة الغسيل الاخري وفي شهور قليلة تدهورت حالتها وطلب منها الاطباء التوجه إلي مركز طب وزراعة كلي الاطفال بمستشفيات جامعة القاهرة. رفض الأب تحمل المسئولية معها وهرب تماماً من حياتهم لتواصل وحدها المشوار باصرار وعزيمة. جاءت إلي القاهرة ومعها أولادها الاربعة وكلما علم أحد بقصتها تعاطف معها وحاول مساعدتها حيث وفر لها أهل الخير مكاناً بدار ضيافة كحل مؤقت وبدأت في عمل الفحوصات اللازمة للتبرع بالكلي حيث اختار الاطباء تغريد لاجراء العملية لها في البداية لأن حالتها لم تعد تقبل الغسيل وكانت في خطر شديد. تمت العملية بنجاح علي نفقة المركز لتودع تغريد معاناة الغسيل وتنتظم علي الادوية المكلفة والمتابعة الاسبوعية. وبعد شهور قليلة ساءت حالة "كريم" هو الآخر وبات في أمس الحاجة لاجراء عملية الزرع فلم تتردد الام في التبرع له بكليتها الاخري ولكن رفض الاطباء بشدة لانه يعد حكما عليها بالاعدام فضلا عن انه ضد القانون بدأت تبحث عن متبرع من أهلها فعارضها الجميع بشدة. أصبح عليها البحث عن متبرع خارجي الأمر الذي ستتضاعف معه النفقات وتضطرها الظروف لاجراء الفحوص أكثر من مرة لكل متطوع فضلا عن ان المركز لن يساهم بأي جزء في تكاليف الجراحة لأن المتبرع ليس من الاقارب. وصلت الام لطريق مسدود وباتت في أمس الحاجة لمن يقف معها سواء في تدبير متبرع واجراء الجراحة لابنها أو بتوفير سكن تستقر فيه وأولادها بالقاهرة حيث مقر علاج طفليها المريضين.