كان الناس يسهرون حتي الساعات الأولي من الفجر.. الملاهي سهرانة.. دور السينما تفتح أبوابها لحفلات ما بعد منتصف الليل.. الكافتيريات والمطاعم مستعدة لاستقبال الزبائن طوال الليل.. واكتشفت الحكومة ان السهر مستمر طوال أيام الأسبوع.. واكتشفت أيضا ان الموظفين لا يذهبون إلي أعمالهم في المواعيد المحددة.. وإذا ذهب بعضهم في الموعد المحدد نام علي المكاتب.. وفجأة أصدرت اسبانيا قرارا بمنع السهر بعد منتصف الليل وأيضا أصدرت تايلاند قرارا مماثلا وخصصت شارع الملاهي فقط في مدينة بانجكوك لكي يكون السهر حتي الثانية صباحا.. ونفذ الناس القانون وتجنبوا السهر. الحكومة رأت ان في السهر ضعفا في الانتاج وزيادة كبيرة في استهلاك الكهرباء.. أما عندنا في مصر فالمسائل كلها "هايصة" وكل شيء مباح ومتاح. مرة أصدرت الحكومة قرارا بإغلاق المحلات التجارية في السادسة مساء لكي تعطي فرصة للأسر أن تتجمع في بيوتها.. وتعطي فرصا أخري لتخفيض استهلاك الكهرباء وراحة للأجهزة والآلات.. ومنع الازدحام في الشوارع. والذي حدث ان المقاهي ازدحمت خاصة ان القرار لم يشملها وزاد الزحام بصورة ملحوظة وارتبكت حركة المرور لأن كل الناس أصبحوا يتحركون في وقت واحد بعد السادسة.. وبالتالي رجعت الحكومة في كلامها وأعطت الحرية للمحلات التجارية أن تسهر حتي الحادية عشرة مساء وبعد ذلك أو كما تشاء وأصبحت دور السينما تسهر حتي الصباح حيث تقيم حفلات بعد منتصف الليل وطبعا هذه الحفلات لها مشاهدوها.. وهناك أيضا محلات كثيرة تمارس نشاطها التجاري حتي الساعات الأولي من الصباح. ولا يقتصر أمر السهر عندنا عند هذا الحد بل امتد ليشمل أيضا عيادات الأطباء ومكاتب المحامين وغيرهم من الأنشطة المهنية المختلفة.. حيث يستمرون في العمل حتي ساعة متأخرة من الليل وكم من الأطباء الذين تستمر عياداتهم مفتوحة وتستقبل المرضي في الساعة الثانية والثالثة صباحا..! والموضة هذه الأيام هي انتشار الكافتيريات في أماكن كثيرة وفي الشوارع الهادئة ذات الاتساع المحدود تنبعث منها روائح الشيشة ولأنه لا يوجد مواعيد محددة للاغلاق فإنها تسهر حتي ساعة متأخرة من الليل والنتيجة زحام رهيب في هذه الشوارع السكنية حيث تتجمع السيارات وتسد الطريق لدرجة ان السكان أصبحوا لا يجدون أماكن لانتظار سياراتهم بل اصبحوا يخشون الخروج بسياراتهم حتي لا يفقدوا مكان انتظار سياراتهم.. ومن الصور الأخري الجديدة تجمع الشباب والشابات في بعض المناطق والشوارع بصورة مكثفة يصرخون ويضحكون وقد يتشاجرون ولا يهمهم إن كانت أفعالهم هذه تقلق السكان..!! وقد تمنيت أن أسأل هؤلاء السهرانين ألا يوجد لديهم عمل..؟ وإذا كانوا يعملون متي يذهبون؟ وكيف يذهبون وقد أنهكهم عدم النوم.. وإذا كان بين هؤلاء السهرانين طلبة وطالبات هل يذهبون إلي كلياتهم أو مدارسهم.. وأين أولياء أمورهم.. وأين الرقابة عليهم.. أسئلة كثيرة تمنيت أن أسألها.. ولكن بصراحة خشيت أن أسمع ما لا يرضيني وهذا أكيد.. وأعتقد ان القوانين واللوائح عندنا تحدد مواعيد لإنهاء كل هذه الأنشطة.. وتمنع كل ما يسبب القلق والفوضي ولكن من يسمع ومن يري.. واضح انه لا حياة لمن تنادي.. ليس فقط بالنسبة للسهر ولكن هناك قرارات أخري تصدر ولا تطبق والأمثلة كثيرة منها قرار بحظر استخدام "البمب" و"الصواريخ" ولكن أصوات تفجيراتها ملأت الدنيا طوال أيام العيد.. وقرار آخر بمنع ذبح الأضاحي في الشوارع ولكن حدث العكس تماما فقد امتلأت بعض الشوارع بالدم والمياه والروائح الكريهة لأن الذبح تم في الشوارع.. وهناك عشرات ان لم يكن المئات من المخالفات.. مثل التحدث في المحمول أثناء القيادة ولافتات وأساليب الدعاية الانتخابية وغيرها وغيرها. والسؤال الذي تبادر إلي ذهني هل تمت إجراء دراسات حول ظاهرة تحدي قوانين الدولة ولوائحها.. وهل اجريت دراسات حول الأساليب الواجب اتباعها لتنفيذ مثل هذه القوانين التي تمنع السهر والتصرفات المقلقة للراحة؟!