بعد مرور ثلاثين عاماً علي استشهاد الرئيس الراحل أنور السادات.. بدأنا نسمع ونقرأ اعتذارات ممن خططوا ووافقوا علي القتل. كلامهم يكاد يكون واحداً.. إن اغتيال السادات كان خطأ عظيماً ولذلك فإنهم يعتذرون عنه لشعب مصر. ورغم أن الشعب لم يكن في حاجة إلي اعتراف أو اعتذار لأنه يعلم جيداً أن السادات مات شهيداً وأن مجرد موافقة الجماعة الإسلامية في حقبة الثمانينيات علي وقف العنف وقيامها بالمراجعات الفكرية للجماعة هو اعتراف واعتذار ولو ضمنياً علي خطأ ما ارتكبه أعضاؤها.. إلا أن الاعتراف واعتذار اثنين من أكبر قادتها في هذا التوقيت بالذات وبعد ان دفعا ثمن الجريمة يؤكدان أن الجماعة الإسلامية تغيرت بالفعل ولا تناور أو تلتف خوفاً من بطش أو مطاردة أو طمعاً في مجد أو مكسب سياسي أو نصر دنيوي. ومع أن عبود الزمر أحد قادة الجماعة الإسلامية البارزين قال حرفياً في جريدة الشروق أمس: "أنا أعتذر للشعب المصري عن اغتيال السادات. ومع أنه تهرب من الإجابة علي سؤال عما إذا كان خالد الاسلامبولي قاتل السادات شهيداً أم لا.. فإن ناجح إبراهيم أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية الذي قضي ربع قرن وراء الأسوار كان أكثر تحديداً وجرأة وصراحة حيث قال لجريدة الوفد إن قتل السادات كان خطأ عظيماً كلف الجماعة والشعب المصري الكثير.. وأن الاغتيال لم يكن له ما يبرره.. ولو عاد به العمر ثانية لمنع اغتياله بكل قوة. ثم نأتي لبيت القصيد في كلامه حيث تعمد أن ينصف السادات تكفيراً عن الذنب الذي ارتكبته الجماعة الإسلامية.. وفي نفس الوقت أرسل إشارات في منتهي الخطورة ربما لم يكن يقصدها بذاتها. قال ناجح إبراهيم بالحرف الواحد: "إن حسنات السادات أكثر بكثير من أخطائه.. نعم كانت له هنات وأخطاء لكن حسنات نصر اكتوبر وتحرير الأرض والإفراج عن المعتقلين في بداية حكمه وحرية الدعوة وإلغاء الطوارئ ومنع التعذيب هذه الحسنات تغفر جبلاً من الأخطاء.. فالحسنة العظيمة تكفر أي سيئة حتي لو كانت كبيرة". أضاف بالحرف الواحد أيضاً: "أكبر خطأ وقع فيه السادات هو التحفظ وقد اعتقل فيه كل أطياف المجتمع المصري السياسية والدينية لأول مرة في تاريخ مصر.. كل هذا جعل الجميع يتحول ضده كما أن بعض اليساريين والناصريين حرقوا الأرض تحت أقدام السادات وحولوا حسناته إلي سيئات وحولوا نصر اكتوبر العظيم إلي هزيمة سياسية. كما حولوا من قبل هزيمة يونيو إلي انتصار.. وقد اجتذبت حملات اليساريين غير المنصفة ضد السادات معظم الإسلاميين وبعض خطباء الأزهر والأوقاف الذين ركبوا موجتها ونسوا أن السادات هو الذي أعطاهم الحرية وأعطي الدعوة الإسلامية قبلة الحياة". كلام ناجح ابراهيم رغم أن به إنصافاً للسادات واعترافاً بخطأ قتله واعتذاراً علي الجريمة.. فإنه ينبه إلي خطورة المحاولات الدءوبة اليوم التي تسعي بعض الجمعيات والمنظمات والأفراد من خلالها ومن خلال ركوب الموجة لاغتيال مصر كلها تحت شعار عودة الجيش إلي ثكناته.. بحجج واهية وذرائع غير منطقية وتخوفات ليست موجودة علي الأرض وأمراض وأغراض وأهداف غير وطنية بالمرة مثلما افتئت أشباههم علي الحقيقة في عهد السادات رغم أن القوات المسلحة المصرية وبشهادة الجميع هي الأخري التي أعطت لثورة يناير قبلة الحياة. ما أشبه اليوم بالبارحة.. لكن فليثق الجميع أننا استوعبنا الدرس. أشكر عبود الزمر وناجح ابراهيم شجاعتهما وأنهما وضعا أمامنا حقائق كانت غائبة أو مغيبة عنا.