كان شباب كتيبة المساء الأولي في حماس منقطع النظير.. فقد قال لهم رئيس التحرير إنهم يمثلون شباب ثورة يوليو ومبادئها ونعمل جميعاً علي تطبيقها فلا ابتزاز ولا منفعة وراء خبر أو محاولة انتقام بخبر كاذب أو صادق.. إننا جميعاً مع هذا الشعب الذي ظلم طويلاً.. ما أريده هو الأخلاق أولاً.. أما الصحافة ستأتي بعد ذلك. ** هكذا كانت الرسالة التي حملناها وجسدها قادة الكتيبة.. في كل المواقع كنت تري عمنا بيومي وعبدالغني ومحمد نجيب ثم سيد العقاد يمتطون مكان المراجعة.. لا تفلت منهم كلمة مسمومة أو حرفاً معادي أو خبر وراءه منفعة أو شبهة منفعة! ** في الرياضة مثلاً شبابها حمدي النحاس كان موظفاً في الحسابات وعضواً في فريق هوكي الشرقية وهوكي نادي الزمالك أيضاً.. وكان ناصف سليم لايزال طالباً في الأزهر وهو يمارس رياضة كرة السلة هناك وفي الحوادث بكر درويش ومجموعته.. وبكر كان رقيباً علي الصحف ثم انتقل للأهرام وجاء إلي المساء ومعه محمود شكري وغيرهم كثيرون. ** وفي التحقيقات الصحفية عبدالمنعم سري الدين وأحمد المنشليني ووجيه رياض وكاتب هذه السطور ثم عايدة صالح وفيليب جلاب وهدي توفيق وحسنة حنفي وسامية بولس وعاشور عليش وكثيرون وكثيرات مثل سعاد الدمهوجي عجزت الذاكرة التي شاخت عن ذكرهم جميعاً.. وكيف ننسي محمد عبدالدايم وكمال الجويلي وحنفي أبوالسعود. ** كان عبدالناصر في سوريا.. وكان رئيس التحرير في الأقصر يشهد مهرجان التحطيب وكان مانشيت المساء انتهت ثورة الشواف.. "والشواف" كان زعيماً عراقياً يناصره عبدالناصر الذي غضب كثيراً من هذا المانشيت وهو صاحب امتياز الصحيفة فطلب عقاب من أقدم علي نشره ولكن رئيس التحرير قال له أنا المسئول ورفض في مكالمته التليفونية إلا أن يتحمل المسئولية.. وتحملها وترك المساء. ** كان أول تغيير مع قدوم مصطفي المستكاوي الذي كان رئيساً لتحرير جريدة الشعب ووكيل المخابرات المصرية ومعه سليمان مظهر مديراً للتحرير وكان زميلاً لي في الزمان وعبدالحميد عبدالنبي وزيد شريف وعبدالوهاب دنيا وسيد عبده وغيرهم.. ولم يبق طويلاً حتي غادر المساء إلي رئاسة مجلس إدارة دار التعاون وكنا قد خرجنا من دارنا إلي الجمهورية.. ومن خرج من داره.. وأنتم تعرفون الباقي! ** توالت جحافل الهجوم علي المساء.. ولأن جذورها قوية فقد تحملت الكثير وضاقت بالكثير خصوصاً خلال سنوات المخلوع الذي كان لا يري إلا ما يعجبه ويقرأ ما يسره ويضفي عليه صفات يفتقدها تماماً. ** كان عبدالفتاح الجمل نموذجاً يجسد هذه الصحيفة.. ترك وظيفته كمدرس في احدي المدارس الثانوية واختار المساء وعندما ذهب خالد محيي الدين إلي الأخبار أخذ معه أمير العطار سكرتير التحرير والجمل.. قلت له لن تتحمل مناخ الأخبار قال سأحاول.. بعد أسبوع واحد عاد إلي صالة المساء تسبقه ضحكته المجلجلة.. وقال لي معك حق.. نحن كالسمك إذا خرجت إلي البر.. متنا.. ثمة ملاحظة.. كان معظم مندوبي المساء يجمعون بين الإذاعة والمساء.. مثل حسن شمس وطاهر أبوزيد وسعد القاضي وسعد عوض وكان يوماً أسود إذا أذيع خبر في نشرة الثانية والنصف سواء خارجي أو داخلي وليس موجوداً في المساء. ولا أريد أن أطيل وأكرر ان ما ذكرته من أسماء وما ربما كنت نسيته كان عن السنة الأولي خاصة الذين عينوا في شهري يوليو وأغسطس عام 1956 أي قبل صدور المساء بشهرين وشهر. ** المهم توقعت والجو مشحون ضد مصر بعد تأميم قناة السويس ان يأتي العدوان علي بورسعيد أو السويس أو الاسماعيلية.. هكذا سافر سري الدين إلي بورسعيد وسافر أحمد رشيد سكرتير رئيس التحرير ووجيه رياض إلي السويس وسافرت إلي الاسماعيلية والزقازيق التي اتخذها اللواء علي علي عامر قائد الجيش الثاني مقراً له وكان سكرتيره آمال المرصفي الذي أصبح رئيساً للمسرح القومي بعد ذلك.. أما الرحلات الخارجية فكانت أول رحلة من نصيب فيليب جلاب إلي رومانيا.. ومن أراد الاستزادة عليه بمجموعة المساء ففيها الكثير ويجب علي شباب اليوم مطالعتها ليعرف كم بذلنا من جهد لتظل المساء قوية ونقية وقوية.. وستظل كذلك بإذن الله.