حين ألمح الدكتور مصطفي الفقي الدبلوماسي والسياسي المحترم قبل 25يناير أن الرئيس القادم لمصر لابد وأن يحظي بموافقة أمريكية وإسرائيلية قامت الدنيا ولم تقعد وهوجم الرجل الذي لا أشك في مصداقيته ووطنيته هجوماً شديداً من كتيبة الاعلام الرسمي التي كان يحركها نظام مبارك .. كما هوجم من تيارات سياسية عدة. واليوم وبعد مرور تسعة أشهر علي ثورة 25يناير وما أسفر عنها من سقوط النظام السابق هل يا تري لابد وأن يحظي رئيس مصر الجديد بموافقة أمريكية وإسرائيلية أم أن الأمور قد تغيرت وأصبح للمصريين حق اختيار رئيسهم لأول مرة في تاريخهم؟!! هل مازال ما قاله د. مصطفي الفقي سارياً أم أن مصر الثورة قادرة الآن علي تغيير المعادلة واختيار نظام وطني يستطيع النهوض بهذا البلد الذي ظل لعقود مجرد تابع ومطيع للراية الأمريكية .. أنا لا أتحدث عن نظام معاد لواشنطن .. بل عن نظام يتعامل مع أمريكا سواء كانت إدارتها "ديمقراطية" أو "جمهورية" بشيء من التوازن والعقلانية بما يحفظ مكانة مصر في المنطقة .. وليس نظاماً خانعاً وخاضعاً لما تمليه عليه سياسة البيت الأبيض!! المعونة الأمريكية ليست سلاحاً يمكن لواشنطن من خلاله الضغط علي مصر وهي تعلم هذا الأمر جيداً .. بل ونظام مبارك نفسه كثيراً ما أكد علي هذا المعني .. إذن العلاقات الثنائية بين البلدين يفترض أن تقوم علي تبادل الاحترام والمصالح وليس مجرد إملاء السياسات .. فهل واشنطن قادرة علي استيعاب تلك المتغيرات .. أم أن تلك المتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية هي صنيعة المخابرات الأمريكية وبالتالي لابد وأن تكون الأنظمة الجديدة الحاكمة من اختيارهم؟! أو علي الأقل لا تمانع هذا الاختيار طالما أنها قادرة علي تطويعه وترويضه؟!! يبدو أن ما تفوه به د. مصطفي الفقي مازال ساري المفعول .. فهاهي واشنطن تتعامل مع مصر الثورة بسياسة "العصا والجزرة" مستخدمة نفس السلاح "سلاح المعونة" .. ففي الوقت الذي قدم فيه أعضاء بالكونجرس الأمريكي وثيقة تشريعية تلزم مصر بشروط جديدة للحصول علي المعونة السنوية بل وإعلان السيناتور الأمريكي باتريك ليهي أن عقد توقيع شيكات علي بياض مع مصر قد انتهي .. خرج في نفس الوقت سيناتور آخر يدعي جاري أكرمان ليعلن في القاهرة أن واشنطن طلبت الافراج عن الجاسوس الإسرائيلي الأمريكي إيلان جرابيل المتهم بالتجسس علي مصر أثناء ثورة 25يناير مقابل زيادة المعونة الأمريكية لمصر لعبور مرحلة ما بعد ثورة 25يناير لتساعد في بناء مستقبل أفضل للشعب المصري .. حسبما جاء في نص البيان الأمريكي الذي وزع علي بعض الصحف!! تلك هي السياسة الأمريكية تجاه مصر بعد الثورة .. فهل هناك مرشح محتمل لرئاسة مصر قادر علي اقناع واشنطن بتغيير سياستها والتعامل مع المصريين كشريك استراتيجي مهم في المنطقة .. أم سيبقي الوضع علي ما هو عليه واللي تقول عليه أمريكا هو اللي يمشي؟! .. يبقي إحنا نمشي!!