"إذا كنت تريد شراء جاسوس إسرائيلي أو أمريكي عليك الذهاب لمصر".. هذا الإعلان نشر علي بعض المواقع الإلكترونية ضمن تعليقات القراء علي صفقة الجاسوس الصهيوأمريكي إيلان جرابيل والتي يعرض علي مصر من خلالها علي دعم اقتصادي وسياسي أمريكي مقابل إطلاق سراحه. إن عملية إطلاق سراح الجواسيس الصهيونية بدأت في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك في القضية الشهيرة التي كان بطلها عزام عزام الجاسوس الإسرائيلي الذي ظل سجيناً في مصر 8 سنوات حتي تم الإفراج عنه فجأة في عام 1996 ودون سابق إنذار أو سبب مقنع لأن وقتها كان ليس من حق أحد أن يسأل كيف يتم الإفراج عن عزام وهو ضبط متلبساً بكل أدوات الجاسوسية. في رأيي أن التفاوض علي إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي بتقديم دعم مالي لمصر يعد انتهاكاً للسيادة المصرية فالجواسيس ليست للبيع.. وإذا تمت العملية بهذا الشكل فستتحول مصر إلي ساحة للجواسيس في السنوات القادمة طالما أن الجاسوس الذي سوف يتم القبض عليه ضامن أنه سيتم الإفراج عنه عندما تدفع دولته "المعلوم" وتنتهي القضية بهذه السهولة. الإفراج عن الجاسوس الصهيوأمريكي إيلان جرابيل بهذه الصورة إهانة لمصر خاصة بعد التلويح بقطع المعونة الأمريكية في حال عدم الاستجابة للمطلب الأمريكي بإطلاق سراحه. أمريكا وربيبتها المدللة إسرائيل تعرفان جيداً من أين تؤكل الكتف.. وتعرفان أيضاً وسيلة الضغط علي الوتر الحساس الذي يمكن من خلاله أن تتسامح مصر وتطلق سراح الجاسوس.. وهذه المرة لعبت أمريكا علي وتر الإنسانية عندما قدمت الأدلة علي أن جرابيل يعاني من مرض وراثي مزمن وأن حالته الصحية متدهورة وهذا ما أعلنه والداه عندما قاما بزيارته مؤخراً في السجن.. والوتر الآخر الذي تعزف عليه أمريكا أيضاً هو التهديد بقطع المعونة مستغلة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد. نحن لا نمانع في إطلاق سراح هذا الجاسوس من منطلق الإنسانية أولاً إلا أنه يجب أن تكتمل الصفقة وأظن اننا هنا في موقف قوة وليس موقف ضعف بحيث نخرج رابحين.. والربح هنا ليس حفنة من الدولارات التي تلوح بها أمريكا بل أولاً يتم الإفراج عن المصريين القابعين في السجون الإسرائيلية مهما كانت الجرائم التي ارتكبوها والتي لن تصل بالطبع للجاسوسية.. وثانياً الإفراج عن عمر عبدالرحمن الذي عاني الكثير في السجون الأمريكية.. وثالثاً تعويض إسرائيل أهالي الشهداء الذين أهدر دمهم ظلماً علي الحدود في سيناء مع الاعتذار رسمياً عن مقتلهم.. ساعتها يمكن التفكير في شأن إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي.