لم أكن أعرف عن منطقة العلمين بالساحل الشمالي إلا أن بها "المعظمة" الكبري التي تضم في باطنها رفات أجناس متعددة من شعوب الأرض.. جاءوا إلي هذا المكان منذ نحو 75 عاماً أو أكثر قليلاً بدون أي هدف إلا القتال والحرب.. وانتهي الأمر بموت الآلاف منهم.. الموت الذي أحاط بهم بدون تفرقة بين جنس وآخر.. صحيح أنهم جاءوا مرغمين.. ولا حول ولا قوة لأي منهم إلا أنهم انقسموا في الحرب والقتال. ومع نهاية شهر أكتوبر من كل عام يأتي إلي العلمين بعض عائلات الضحايا من الأحفاد ومن ظل حياً من الأبناء والبنات.. وربما بعض الزوجات.. وذلك احتفالاً بذكري انتهاء الحرب العالمية الثانية. ومع هذا الاحتفال.. سيكون هناك احتفال آخر هو تدشين أول مدينة مليونية بالساحل الشمالي هي مدينة العلمين الجديدة.. ومن المتوقع أن يشهد هذا الاحتفال كما علمت عدداً من كبار المسئولين من الدول المختلفة. الحقيقة أنني شاهدت شيئاً يفوق الخيال.. من الجدية في العمل وروعة الأداء والمناظر الساحرة لقد وجدت ما لم أكن اتوقعه.. حركة بناء وتشييد وشق طرق. وإنشاء كورنيش واسع يمتد لمسافة 14 كيلو متراً وممشي بعرض 35 متراً. طبعاً كنت أتمني أن يكون الكورنيش ممتداً من الكيلو 21 حتي مدينة مرسي مطروح.. وبالطبع فإن هذا الكورنيش سيتكلف المليارات.. ولهذا لماذا لا تساهم القري التي تبيع وحداتها بمبالغ خيالية.. وتحقق أيضاً أرباحاً خيالية.. وبصراحة كثيراً ما تساءلت لماذا لا يمتد كورنيش الإسكندرية من الأنفوشي حتي العجمي مثلاً! إن إنشاء الكورنيش يحقق مجالاً واسعاً لمجتمعات عمرانية متنوعة بين السياحة والزراعة وغيرها.. ولهذا أصفق لوزارة الاسكان التي أخذت زمام المبادرة بإنشاء كورنيش العلمين لكي يكون العمل متكاملاً.. وأخذت الوزارة أيضاً مبادرة بأن يكون الكورنيش مفتوحاً لكل الناس عملاً بمبدأ "البحر للجميع لا يؤجر ولا يباع"... وفي نفس الوقت كان للبحر الهادئ الجميل حرم عريض من الرمال مثل أسوار الكورنيش بحيث يمكن لأي مواطن مهما كان أن يستمتع به وبالبحر. وتقع العلمين علي بعد كيلو مترين أو ثلاثة كيلو مترات من العلمين القديمة.. وأيضاً من "المعظمة" وتبلغ مساحتها نحو 50 ألف فدان كما قيل لي.. وروعي فيها إضافة لمسات من الجمال وألوان من التنسيق الحضاري الجذاب سواء من ناحية توفير ملاعب وممشي لممارسة رياضة المشي والدراجات.. وانشاء جزر وأماكن ترفيهية متعددة.. وغيرها. يضاف إلي ذلك أن مدخل العلمين الجديد قد أقيم بشكل أنيق وفي بداية المدينة من الطريق الساحلي حيث تم انشاء مولات ومحلات تجارية ومطاعم وكافيهات. وقد بدأ العمل فيها بالفعل وأصبح هناك أسماء لامعة من الشركات والمحلات والمطاعم والكافيهات الكبري بخلاف بعض السوبر ماركت من الأسماء المشهورة.. ولكن فوجئت أن معظمها أغلق أبوابه بعد انتهاء موسم الصيف علي أن يعيد الافتتاح في فصل الصيف. وهذا يجعلني أتساءل هل تم دراسة الموقف السياحي لهذه المنطقة في فصل الشتاء وهل الجو فيها صالح لاستقبال سياح في الشتاء وفي النوات علي وجه الخصوص.. وبالمناسبة فإن الطريق الساحلي القائم حالياً من الكيلو 21 غرب اسكندرية حتي مرسي مطروح سيصبح طريقاً واضحاً يخترق مدينة العلمين أما الطريق البديل فإنه يجري العمل فيه بحيث يجمع طريق طوله نحو 38 كيلو متراً ويتفرع من طريق وادي النطرون ومنه إلي سيدي عبدالرحمن ويتكون من 5 حارات.. بصراحة أن مدينة العلمين الجديدة شيء مبهر.. وبصراحة أكثر.. حرام أن لا يعرف المصريون هذا الصرح العملاق علي ساحل البحر.. أتمني بالفعل أن تنظم النقابات والهيئات والمنشآت رحلات للناس إلي هذه المدينة لكي يشاهدوا أحد المنجزات العملاقة التي يجري إقامتها علي أرض مصر.. لابد أن يعرف الشعب كل هذه الانجازات في الشرق والغرب وغيرها من الأماكن. لابد أن يعرف الشعب الحقيقة المبهرة بدلاً من الانسياق وراء الشائعات الكاذبة ومما سمعته أيضاً أن التخطيط قائم علي تنفيذ 25 ألف غرفة فندقية.. يجري العمل فيها حالياً.. كذلك يجري التخطيط لاقامة عدد من الأبراج السكنية الفاخرة وبالمناسبة شاهدت مثل هذه الأبراج في منطقة "جولد كوست" شمال استراليا.. حيث اقاموا عدة ابراج تطل علي المحيط وقيل لي إن هذه الوحدات مباعة لأبناء الدول العربية وحتي لا يظن الناس أن العلمين ستكون قاصرة علي الأثرياء.. فإن الانشاءات تسير بسرعة وانتظام في انشاء مساكن متنوعة بين فيلات فاخرة وعادية ومساكن فاخرة وعادية ومساكن شباب واسكان اقتصادي.. أي أنها مدينة تسع الجميع وكما ذكر الدكتور مصطفي مدبولي أنها مدينة مليونية تخطيطها قائم علي أن تستوعب ما بين مليونين وثلاثة ملايين نسمة.. مرة أخري أقول إن ما يجري علي أرض مصر من انجازات وأعمال ومشروعات يستحق أن يشاد به في كل المحافل.. وأتمني أن نحتفل بكل مشروع يتم انجازه.. والحقيقة أن العلمين التي أرجو أن تفتح أبوابها للمصطافين في الموسم القادم واعتقد أنه من السهل الدعاية السياحية لأن لها حكايات يمكن استغلالها وقد روي لي بعض الشيوخ هناك حكايات عن الحرب وعن تسميتها بمنطقة عنق الزجاجة فهذه المنطقة تقع بين البحر المتوسط ومنخفض القطارة وعندما تولي مونتجمري قيادة الحلفاء في مصر.. وكان روميل ثعلب الصحراء قد وصل إلي مرسي مطروح واستطاع مونتجمري أن يستدرجه حتي وصل إلي العلمين.. حيث وجد جيوش الحلفاء قد سدت جميع المنافذ المؤدية للإسكندرية وبالتالي لم يستطع السير يميناً حيث البحر ولا يساراً حيث منخفض القطارة وتقهقر روميل بجيشه إلي الغرب ومونتجمري يطارده حتي تمت هزيمته.. في النهاية أتساءل ما هو موقف وزارة السياحة وهل تعلم بما يجري في العلمين.. وما هو موقف شركات السياحة هل فكرت في كيفية التسويق لها.. وهل فكر أحد في خلق مناسبات سياحية تقام في العلمين.. أعتقد أنهم يفكرون.. وسيظلون يفكرون.