في إطار ضبط المشهد الإعلامي الذي يعمل عليه المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام وللتصدي للترويج للمخدرات في الأعمال الدرامية وقع المجلس بروتوكول تعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي يهدف إلي قيام كل من صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام باتخاذ كافة الخطوات اللازمة لتفعيل الميثاق الأخلاقي المتعلق بالتناول الفني الرشيد لقضية تعاطي وإدمان المواد المخدرة ومنتجات التبغ. والذي تم إقراره عام 2015 تحت رعاية رئيس الجمهورية. تضمن البروتوكول أيضاً وضع المعايير والضوابط اللازمة لضمان التزام الوسائل الإعلامية بأصول المهنة وأخلاقيتها بالاشتراك مع النقابات المعنية بما يضمن تحقيق التوازن بين حرية الفن والإبداع وتحقيق الصالح العام وكذلك قيام المجلس باتخاذ كافة الإجراءات والملاحقة القضائية في إطار القانون تجاه المؤسسات الإعلامية ووضع اللوائح والجزاءات وشروط تراخيص البث بما يحول دون استغلال الفن والإعلام في نشر ثقافة مروجة لفكر تعاطي المواد المخدرة. "المساء" رصدت أسباب انتشار مشاهد التدخين وتعاطي المخدرات مع صناع الدراما والإعلام خاصة بعدما كشفت نتائج المرصد الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي عن أعمال دراما رمضان الماضي اشتملت علي 2428 مشهد تدخين وتعاطي مخدرات بالأعمال الدرامية. القائمة السوداء وكشف التقرير كذلك أنه لا يوجد عمل درامي يخلو من هذه المشاهد حيث جاء مسلسل "الحرباية" لهيفاء وهبي إخراج مريم أحمدي في مقدمة القائمة السوداء التي حددها الصندوق ويليه مسلسل "أرض جو" لغادة عبدالرازق إخراج محمد جمعة ثم مسلسل "رمضان كريم" لروبي وشريف سلامة إخراج سامح عبدالعزيز ومسلسل "الحالة ج" لحورية فرغلي وأحمد زاهر إخراج حسين شوكت. في البداية أكد الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام أن المجلس سيعمل علي محاربة ظاهرة التعاطي والتدخين صباحاً ومساء مؤكداً أهمية عقد اجتماع مع صناع الدراما والسينما لإنتاج أعمال درامية وسينمائية توضح للشباب مخاطر التعاطي والإدمان. أشار إلي أن أرقام المشاهد التي عرضت علي الشعب المصري حول تعاطي المخدرات والتدخين صادمة وأن نتائج دراسة التناول الدرامي لقضيتي التدخين والمخدرات توحي بأن الشعب المصري أكثر الشعوب استهلاكاً لصحته عن طريق التعاطي والتدخين وهو يظن أنه يعيش سعيداً. حذر مكرم من تفاقم ظاهرة التعاطي في الدراما للتأثير في الاقتصاد وحياة المصريين معتبراً أن أرقام تعاطي وإدمان المخدرات مخزية مبيناً أن المجلس سيقوم بالتنبيه علي صناع الأعمال الفنية وإنذارهم وفي حالة عدم الالتزام سيتخذ كافة الإجراءات والملاحقة القضائية في إطار القانون. الكاتب والسيناريست فيصل ندا يري أن ما يقدم في العمل الفني يرجع إلي ضمير المؤلف والمخرج والمنتج وعليهم أن يكونوا علي علم بأن ما يقدمونه يوقع الضرر بأخلاقيات الشعب المصري. مشيراً إلي أنه أثناء الكتابة نقوم في ضمائرنا بوضع رقابة بداخلنا حتي نتلاشاها ولا يصح أن نرصد خلال السيناريو تعليم الناس كيفية تعاطي المخدرات أو مشاهد خارجة وغيرها. أضاف: بروتوكول التعاون الذي تم بين المجلس ووزارة التضامن لن ينجح إلا في حالة استيقاظ ضمائر الكتاب والمخرجين والمنتجين لأنه لابد وأن نتصدي نحن بداخلنا لهذا الإسفاف. ولاسيما وأن المجلس الأعلي للإعلام بدأ يستخدم دور الرقابة التي أصبحت عاجزة للتصدي لهذه الظاهرة ولابد من أن يضع المجلس قرارات ملزمة وحازمة علي الجميع لأنه بالفعل "زاد النباح" وأصبحنا نشاهد أعمالاً مستفزة ومزعجة للغاية وما يقدم علي الشاشات ليس حرية إبداع كما يظن البعض وإنما إفساد لأخلاقيات مجتمع فضلاً عن تشويه صورة مصر في الخارج بأن الشعب المصري أصبح دعارة ومخدرات وبلطجة وأصبحت هذه الأعمال تدمر أخلاقيات الشعب. رقابة الفنانة ليلي طاهر علقت علي هذه الظاهرة قائلة: لابد من مراقبة ما يعرض في الأعمال الفنية خاصة علي أشياء محددة منها مشاهد تعليم تعاطي المخدرات وتدمير الشباب وهذه ليست حرية إبداع ولاسيما أنني شاهدت علي مدار العامين الماضيين أعمالاً فنية ونصفها غير مصرية وأصبحنا نشعر أن هناك دخلاء هدفهم تشويه الشعب المصري وبالتالي لابد من رقابة الحكومة ومعرفة من وراء هذه الأعمال الدرامية التي تظهر المواطن المصري كأنه رئيس عصابة أو رجل أعمال فاسد أو رجل شرطة غير سوي وغيرها. أضافت: لابد من فرض عقوبات رادعة من الجهات الرقابية علي الأعمال التي تسيء لسمعة مصر بشرط التنبيه علي صناع الدراما والسينما أن هناك عقاباً في حالة وجود أي مشاهد تشويه أو تعاطي مخدرات وخمور وغيرها وفي حالة عدم الالتزام تتخذ كافة الإجراءات اللازمة. صحوة الضمير المخرج عادل الأعصر يقول: الفنان والمبدع لابد أن يكون رقيب عن نفسه وعندما نقدم مشاهد للإدمان أو غيرها يكون "بالإيحاء" والمشاهد يفهم ما يريد أن يقوله المشهد وليس الدخول في التفاصيل مؤكداً علي أنه بدون صحوة الضمير لدي صناع الأعمال الفنية لا يستطيع مجلس الإعلام ووزارة التضامن والجهات الرقابية السيطرة علي الأعمال الفنية وأنه ضد تطبيق أي عقوبات علي صناع الدراما لأنه في النهاية هذا مصنف فني وإبداع مخرج ومؤلف وفنان ولكنه مع التنبيه والإشارة إليهم وليس تطبيق جزاءات. الكيف د.صافيناز المغازي أستاذ علم الاجتماع النفسي بجامعة عين شمس تقول: إن هذه الظاهرة بدأت منذ عرض فيلم "الكيف" للفنان الراحل محمود عبدالعزيز وكان التعاطي موجوداً بالفعل ولكن لم يكن هناك اهتمام كبير بهذا الشكل ربما يرجع ذلك إلي الضغوط النفسية التي يعيشها الشعب منذ ثورة 25 يناير وبالتالي يعتقد المشاهد علي مثل مشاهد التدخين تعطيه نوعاً من السعادة والراحة والخروج من الواقع من المشاكل الذي يعيشها وهذا غير صحيح.