وضع الرئيس السيسي العالم كله امام مسئولياته لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار لكافة الدول والتنمية لشعوبها.. تحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بصدق عن قضايا ملتهبة.. غاص بمهارة في لب المشاكل وعرَّي صانعيها بحرفية ووضع العلاج الناجح لها. كلمة الرئيس تستحق أن تكون دستور عمل لغد افضل واجمل اذا خلصت النوايا.. كلمة شدت العالم كله وجعلته يقف ويستمع باهتمام إلي ما يقوله رئيس مصر.. كلمة كانت بمثابة صواريخ عابرة للقارات وصلت في التو واللحظة إلي الجهات المعنية بدقة ووضوح. دعوني اليوم اركز علي امرين فقط في كلمته الصاروخية: * الأول.. الرسائل الحاسمة التي وجهها الرئيس والتي هي اسس سياستنا الخارجية: 1- "لا حل الا بالتمسك بمشروع الدولة الوطنية الحديثة وتجاوز محاولات الارتداد للولاءات المذهبية أو الطائفية أو العرقية". 2- "ان طريق الاصلاح لابد ان يمر عبر الدولة الوطنية وليس علي انقاضها" وضرب المثل بليبيا وسوريا اللتين "لا حل فيهما الا بالتسوية السياسية التي تواجه محاولات تفتيت كل دولة منهما وتحويلها إلي مسرح عمليات للتنظيمات الارهابية وتجار السلاح والبشر". 3- "ان مصر ترفض اي محاولة لاستغلال محنة سوريا لبناء مواطئ نفوذ سياسية اقليمية أو دولية أو تنفيذ سياسات تخريبية لأطراف اقليمية.. لقد آن الأوان لمواجهة حاسمة ونهائية معها".. وطبعا معروف من هي تلك الاطراف الاقليمية وان لم يذكرها الرئيس بالاسم وهي ايران وتركيا وقطر واسرائيل تحديداً. 4- "ان مصر لن تسمح باستمرار محاولات العبث بوحدة وسلامة الدولة الليبية أو المناورة بمقدرات الشعب الليبي الشقيق".. وطبعاً هذا الانذار شديد اللهجة فهم جميع المتآمرين معناه ومغزاه وما قد يترتب عليه باعتبار ليبيا عمقاً لأمننا القومي.. يعني "مفيش فيه هزار". 5- "ان مصر تواجه الارهاب دفاعاً عن مستقبل المجتمع الدولي بأسره. وانه لا مستقبل للنظام الاقليمي والعالمي دون مواجهة شاملة وحاسمة للإرهاب ومن يدعمه ويموله. وانه لا مجال لحديث جدي عن مصداقية نظام دولي يكيل بمكيالين.. يحارب هذا الارهاب وفي نفس الوقت يتسامح مع داعميه ويشركهم في نقاشات حول مواجهة خطر هم صانعوه".. وطبعاً المعني واضح وضوح الشمس.. ودون مواربة فإن المقصود هنا "قطر" التي تدعم الإرهاب ومع ذلك يتسامح معها وزراء خارجية امريكا وبريطانيا وفرنسا ويسعون بكل ما يملكون لأن تجلس علي مائدة واحدة مع الرباعي العربي واشراكها في كيفية مواجهة الارهاب الذي هي صانعته وداعمته وممولته.. ثم القي السيسي بالصاروخ المدمر في موضوع الارهاب لينهي به الجدل السخيف المثار حول المصالحة مع قطر بقوله "لن نسمح بأن تضيع دماء الشعوب هدراً في ظل تحالفات تفضل المواءمة لتحقيق مصالحها علي انقاض الدول".. اظن كده الكلام خلص.. فعندما يتعلق الأمر بالدم فلا حديث عن مصالحات.. وبذلك اغلق الرئيس الباب في وجه كل هرتلات "ابن موزة" التي اثارها في خطابه الصبياني التافه. * الثاني.. خروج الرئيس عن النص المكتوب علي غير المعتاد في كلمات القادة امام الجمعية العامة للأمم المتحدة.. حيث وجه رسائل "ارتجالية" إلي الفلسطينيين والاسرائيليين والأمريكان وكل الدول المحبة للسلام عقب حديثه عن ان الوقت قد حان لمعالجة شاملة ونهائية لأقدم الجروح الغائرة في منطقتنا العربية وهي القضية الفلسطينية باقامة دولة فلسطينية مستقلة علي حدود يونيه 67 و عاصمتها القدسالشرقية حتي تنتقل المنطقة كلها إلي مرحلة الاستقرار والتنمية وفي نفس الوقت ننزع عن الارهاب احدي ذرائعه الرئيسية التي طالما استغلها في تبرير جرائمة بالمنطقة: 1- للفلسطينيين: من المهم للغاية الاتحاد وراء الهدف وعدم الاختلاف أو اضاعة الفرصة والاستعداد لقبول التعايش مع الاسرائيليين في امان وسلام وتحقيق الاستقرار والأمن للجميع. 2- للشعب الاسرائيلي: لدينا في مصر تجربة رائعة وعظيمة للسلام معكم منذ اكثر من اربعين سنة ويمكن ان نكرر هذه التجربة والخطوة الرائعة مرة أخري.. امن وسلامة المواطن الاسرائيلي جنباً إلي جنب مع امن وسلامة المواطن الفلسطيني.. قفوا خلف قيادتكم السياسية ودعموها ولا تتردوا.. اطمئنوا نحن معكم جميعاً من اجل انجاح هذه الخطوة وهي فرصة قد لا تتكرر مرة أخري. 3- للقيادة الأمريكية والرئيس ترامب: لدينا فرصة لكتابة صفحة جديدة في تاريخ الانسانية من اجل تحقيق السلام بالمنطقة. 4- لكل الدول المحبة للسلام: ساندوا هذه الخطورة الرائعة التي اذا نجحت ستغير وجه التاريخ. لنا باذن الله عودة لكل الصواريخ السابقة بالشرح والتحليل.. لكن الآن بقي صاروخ مدمر اعتاد السيسي ان يطلقه كل عام من فوق منصة الأممالمتحدة ليدك به قلوب الإخوان والمتآمرين معهم.. قوله في نهاية كلمته "تحيا مصر" 3 مرات.. لترتج القاعة بعدها بالتصفيق. تحيا مصر 93 مليون مرة.. بعدد سكان ام الدنيا.