في حوار لا تنقصه الصراحة حول الثورات المصرية وتأثيرها علي المنطقة والدور المصري في معركة التصدي للإرهاب وجماعاته المتطرفة وغيرها من القضايا المهمة كان اللقاء مع فولكهارد فيندفور الألماني الجنسية أقدم مراسل أجنبي في مصر الذي أمضي حوالي 62 عاماً في العمل الصحفي حتي أصبح رئيساً لجمعية المراسلين الأجانب منذ 30 عاماً وحتي الآن وهي أكبر تجمع إعلامي علي مستوي العالم تضم حوالي 700 مراسل. عشقه لمصر بلا حدود ودائماً ما يؤكد أنها أكثر بلد أحبها وارتبط بها ولديه علاقات وثيقة مع الكثير من الشخصيات البارزة والمؤثرة في الحياة. كان شاهداً علي الكثير من الأحداث المهمة التي غيرت وجه الحياة في مصر والعالم العربي. لعب دوراً بارزاً في نقل ما يجري في مصر من تطورات بدقة وموضوعية وأمانة تقدير المكانة لمصر واحتراماً للقواعد والممارسات الإعلامية المسئولة التي ينبغي أن تتسم بالحياد والمصداقية. يري أن العلاقات المصرية الألمانية عريقة تدعمها المصالح المتبادلة وأهمية مصر الإقليمية تعد مفتاحاً للاهتمام الألماني الذي يري أن مصر تتمتع بدور رائد لجيرانها إلي جانب ثقلها الاقتصادي والعسكري وتأثيرها علي كافة النواحي في العالم العربي ودائماً العلاقات بين البلدين بعيدة عن أية أعباء وتدخلات عكس ما هو الحال مع بعض الدول الأخري. قال إن الرئيس السيسي يقود سفينة مصر إلي بر الأمان بعد النجاحات التي تحققت في مكافحة الإرهاب والإصلاح الاقتصادي ولا يمكن إنكارها. أكد أن المراسلين الأجانب بالقاهرة يتمتعون بحرية كاملة في نقل الأحداث ومن يدعي عكس ذلك فهو "كاذب" وأن 23 يوليو ستظل الثورة الأم لكل الثورات و30 يونيو أعادت الروح للجسد العربي. أضاف أن الإعلام العربي يعيش حالة من الانقسام وتلعب قناة الجزيرة دوراً خطيراً في شق الصف وأن العالم أدرك أهمية التحذيرات المصرية بعد أن اكتوي بنار الإرهاب. * ما هو تقييمك للأوضاع في مصر؟ ** علي الرغم من كل التحذيرات والأزمات التي تحيط بالمنطقة العربية بصفة عامة ومصر تحديداً لكن الخطوات التي تتم علي أرض الواقع تؤكد قدرة الإرادة السياسية وإصرارها علي العبور نحو المستقبل وتحقيق نتائج أفضل وعلي مدار الفترة الماضية نجحت القيادة المصرية بشكل كبير في تهيئة المناخ وضخ العديد من المشروعات الكبري التي تضع مصر علي الطريق الصحيح موضحاً أن التقارير الدولية والخبراء العالميين تشير إلي أن الأوضاع الاقتصادية تمضي بشكل جيد عبر برامج الإصلاح التي بدأت عام 2014 إضافة إلي الاهتمام بدفع تدفق الاستثمار الأجنبي إلي مصر عبر منظومة القوانين الجديدة.. ومصر تخوض معركتين بنجاح وصلابة مكافحة الإرهاب وإصلاحات اقتصادية لا يوجد عاقل ينكر دور وجهود الرئيس عبدالفتاح السيسي في حماية وطنه وحرصه علي مصلحة شعبه وهو أمر ليس سهلاً في ظل أجواء التآمر والتخريب الذي تموله بعض الدول للنيل من استقرار مصر. شريك قوي * منذ 2013 ومصر تخوض معركة ضد الإرهاب كيف ترون الدور المصري وما وجهة النظر التي تنقلونها للعالم كمراسلين في مصر؟ ** مصر دولة مركزية بالمنطقة والجميع يعتمد عليها كشريك قوي في مكافحة الإرهاب وما يقدمه جيشها في سيناء من تضحيات يؤكد العزيمة القوية علي مواصلة الحرب للقضاء علي هذه الجماعات الدامية التي لم تسلم معظم دول العالم من شرورها حقيقة العالم يدرك دور مصر الحيوي في محاربة التطرف والإرهاب والجميع يشيد بجهودها في هذا السياق خاصة أن التهديد الإرهابي هو الأكثر خطراً علي الأمن والسلم الدوليين مصر قدمت الكثير وسيذكر التاريخ أن 30 يونيه ثورة أنقذت الشعب المصري من مجازر دموية. ثورة جمعت كل الفئات الشعبية التي استشعرت خطورة جماعة الإخوان الإرهابية ونحن كمراسلين أجانب ومن خلال عملنا في قلب الأحداث حرصنا علي نقل هذه الصورة إلي العالم حقيقة احتاج الأمر بعض الوقت لفهم مجريات الأمور لكن الآن الصورة تغيرت تماماً.. المجتمع الدولي يشيد بالخطوات والسياسات المصرية بالرئيس الذي لبي نداء شعبه وقاد سفينة البلاد إلي بر الأمان. أؤكد أن رسالتنا هي إظهار الحقائق تجاه الأحداث وأداءنا الإعلامي إيصال صورة واقعية دون تزييف رسالتنا الإعلامية العمل بكل نزاهة وموضوعية وحيادية من خلال تواصلنا مع جميع الأجهزة الإعلامية الدولية. حرية كاملة * إلي أي مدي تجدون حرية في ممارسة عملكم الصحفي؟ ** في الحقيقة لا توجد دولة في منطقة الشرق الأوسط يتمتع فيها الصحفي والمراسل الأجنبي بحرية العمل والنقد إلا في مصر.. ومن خلال رئاستي لجمعية المراسلين الأجانب قرابة ثلاثين عاماً لم أقابل أي مراسل أجنبي يشكو خلال تغطيته للأحداث لدينا حوالي 700 مراسل نحن أكبر تجمع علي مستوي العالم وأتذكر أنه خلال فترة حكم "السادات" ترك 4 مراسلين فقط عملهم بمصر أما في فترة حكم "مبارك" فلم يغادرها أحد حتي الآن وبكل موضوعية وصدق أقول إننا منذ تولي الرئيس "السيسي" الحكم لدينا مساحة أوسع من الحرية ولا نشعر بأي رقابة علينا ولدينا مركز صحفي كبير مجهز بإمكانيات كبيرة لخدمة كل المراسلين الأجانب. حرية المراسل الأجنبي في مصر لا تختلف كثيراً عن حرية نظيره في أوروبا.. وحتي هذه اللحظة لم تصلني أي شكوي من المراسلين ومن يقول عكس هذا فهو كاذب. هذا في الوقت الذي نجد فيه بعض الدول مثل تركيا تغلق المكاتب وتمنع المراسلين الأجانب من ممارسة عملهم وتغطية الأحداث إلي جانب عدم تقديم المعلومات الكافية التي يحتاجها الإعلامي لأداء رسالته إلي جانب تعرضه للمخاطر خلال أدائه لمهام عمله في تغطية بعض الأحداث. خطأ كبير * كيف ترون أداء الإعلام العربي؟ ** بصراحة الإعلام العربي يعيش حالة انقسام وهذا أكبر خطأ في ظل التهديدات التي تعاني منها المنطقة ولابد من بناء علاقات جيدة وتواصل مستمر مع الإعلام الغربي فهذا ما نجح فيه جماعة الإخوان التي استطاعت أن تكون شبكات وعلاقات مع الكثير من وسائل الإعلام الدولية لخدمة مصالحها وأهدافها.. وهنا يحضرني مثال قناة الجزيرة القطرية التي بلا شك أن بدايتها المهنية كانت جيدة لكنها بمرور الوقت تحولت ولأسباب عديدة إلي أداة سياسية رخيصة في أيدي جماعات التطرف والإرهاب حيث أصبحت بوقاً لهم بل انتهجت سياسات إعلامية لشق الصف العربي وإحداث الفتن لتخريب الأوطان وكثيرون أطلقوا عليها قناة "الخراب والمخربين" لقد فقدت هذه القناة مصداقيتها ولم تعد هجماتها الشرسة علي مصر تلقي أي اهتمام لقد سقطت الأقنعة واعتقد أنهم سيدفعون الثمن غالياً في الأيام المقبلة. عبء كبير * ما السبيل لتغيير الأداء الإعلامي؟ ** نحن نعيش عصراً تحكمه أنظمة الإعلام لذلك لابد من توفير كل الإمكانيات المختلفة مادية وبشرية لتمكين الإعلاميين من ممارسة عملهم وأداء رسالتهم بكفاءة وأمانة إلي جانب تمكينهم من تغطية جميع الأهداف دون قيود وكلنا يعلم أن بعض الدول العربية لا يتوفر فيها هذا الأمر. ومن ناحية أخري أري أن هيئة الاستعلامات المصرية عليها عبء كبير في هذه المرحلة فلابد من إعادة فتح المكاتب الإعلامية التي تم إغلاقها في الخارج واختيار عناصر تمتلك الكفاءة والخبرة في فتح قنوات اتصال مع الوسائل الغربية لكشف وتفنيد الحقائق وكل ما يحدث في كواليس علاقات بعض الدول بتنظيم الإخوان نحن نعيش في عالم يموج بالاضطرابات والمتغيرات وحروب شرسة هذا الإرهاب وبالتالي فتعزيز التواصل مع سائر دول العالم في غاية الأهمية. السبيل للسلام إعلام قوي يقوم بواجبه الوطني في هذه المرحلة الدقيقة. مطلوب استثمار الإعلام وتوظيفه من أجل خدمة قضايا المنطقة فالخطر مشترك ومتعدد المصادر. إيضاح الصورة علي أرض الواقع أمر حيوي للغاية بجانب تقديم كل الأدلة والحقائق والمعلومات المؤكدة. اختلاف التجارب * 62 عاماً أمضيتها في العمل الصحفي بمصر عاصرت فيها 4 رؤساء فما تقييمك لكل رئيس منهم؟ ** لا أستطيع أن أنكر أنهم رغم اختلاف تجاربهم إلا أنهم اشتركوا في أمر مهم وهو بذل الجهد لحماية مصر وشعبها من الأخطار التي تعرضوا لها ويبقي أن هناك شخصيات كان لها تجربة ثرية مثل الرئيس جمال عبدالناصر الذي يعد زعيماً وطنياً وهب نفسه من أجل نصرة الفقراء والمهمشين والكادحين استطاع أن يغير الأوضاع السائدة قبل ثورة 52 من فقر وغياب للعدالة الاجتماعية لدي قناعة كبيرة بكل ما قدمه من أجل مصر والعالم العربي لقد أحدثت الصورة متغيرات عميقة في المجتمع المصري باختصار عبدالناصر كان وطنياً لا يسعي إلي المال مازلت أتذكر أول مرة التقيت فيها بالزعيم الخالد وقتها كان عمري 22 عاماً خلال زيارة رئيس ألمانياالشرقية لمصر. لا أحد ينكر دور السادات ومبارك فكلاهما أدي دوره الوطني تجاه حماية مصر والحفاظ عليها وأرجو من أي شخص يتحدث عن رؤساء مصر أن يكون منصفاً في ذكر الإنجازات والسلبيات فتلك شهادة للتاريخ يجب أن تكون بعيدة عن الأهواء والأحكام الذاتية. منقذ مصر * ما تقييمك لفترة حكم الرئيس السيسي؟ ** منذ وقف هذا القائد بجانب أبناء شعبه قلت عنه بأنه "منقذ مصر" كل ما يشغله حماية شعبه وأرضه في كل المواقف حمي مصر من الحروب الطائفية والانقسام في الوقت الذي انهارت فيه بعض دول المنطقة. لقد استطاع أن يكسب ثقة واحترام العالم بصموده أمام جماعات الإرهاب وتصديه بقوة لكافة الأخطار والتهديدات طوال الأربعة أعوام الماضية. لديه إيمان قوي بأهمية التضامن والتكاتف حفاظاً علي الأمن القومي العربي لتحقيق الاستقرار والأمان لشعوب المنطقة. ومن خلال متابعتي المستمرة لتحركات السيسي الدولية وزياراته للخارج أجد أنها تركت انطباعاً جيداً وأفسدت مخططات الإخوان التي كانت تهدف لإفشال هذه الزيارات وعزل مصر. باختصار علي الرغم من مصر الفترة الزمنية من حكم الرئيس إلا أن مصر استطاعت استعادة استقرارها السياسي والاقتصادي. دور محوري * في الذكري ال 65 لثورة يوليو ما رؤيتكم لدور الثورات المصرية؟ ** 23 يوليو هي الثورة الأم ليس فقط في التاريخ المصري بل في المنطقة العربية والعالم وهي من أهم الثورات في التاريخ الحديث بما حققته من تغيرات سياسية واقتصادية غيرت شكل الحياة. نفس الشيء ينطبق علي ثورة 30 يونيه التي أعادت الروح للجسد العربي ومنحت الأمل في أن مصر ستظل رمانة الميزان للمنطقة وأكدت علي دورها المحوري ومسئوليتها تجاه أمتها العربية. مصر بجيشها الوطني قادرة علي ضد قوي الشر التي تريد النيل من وحدتها. تكتل دولي * هل العالم الآن يدرك خطورة جماعة الإخوان؟ ** العالم اكتوي بنيران الإرهاب وضحاياه في أكثر من دولة لقد بدا واضحاً للجميع أن التحذيرات التي أطلقها الرئيس السيسي من ضرورة التصدي والتكتل الدولي لمجابهة الظاهرة أمر لابد منه فلم يتحور ويتلون ليخرب التعايش السلمي بين البشر. كل التطرف والدمار وسفك الدماء خرج من عباءة هذه الجماعة التي كتبت شهادة وفاتها بأيدي أعضائها. منذ البداية كنت أري خطورة هذا التنظيم وسياسته العدائية صد بلده وتهديداته للسلم والأمن في جميع أنحاء العالم والملاحظ أنه عبر العقود الماضية أطلق جميع الرؤساء المصريين التحذيرات من الإرهاب. تغير ملحوظ * كيف ترون الموقف الدولي من الدول الداعمة للإرهاب؟ ** هناك تغير ملحوظ في الموقف الدولي ففي ألمانيا يقدِّرون تماماً دور مصر وجهودها المتوالية في مواجهة الإرهاب ويرونها شريكاً أساسياً وقوياً في هذه القضية لذلك فإن التعاون بين مصر وألمانيا في الحرب علي الإرهاب له أولوية قصوي وأهمية خاصة والعلاقات في مجملها تمضي علي الطريق الصحيح وتدعمها المصالح المتبادلة يدركون دور مصر الرائد وثقلها الاقتصادي والعسكري كما أنها علاقات بعيدة تماماً عن تدخلات وأعباء المستشارة أنجيلا ميركل أوضحت أن ألمانيا أهم شركاء مصر مؤكدة علي تدعيم كل الجهود المصرية لتعزيز الأمن علي كامل حدودها. كذلك نلمس رغبة الجانب الأمريكي بتجفيف منابع تمويل الإرهاب. المجتمع الدولي يتحرك بصورة أفضل بعد ما شهد محاولات زعزعة وتهديد أمنه وأمانه وأريد التأكيد علي أن نجاح أي تحركات وجهود دولية لن تؤتي ثمارها دون مشاركة مصر والتعاون معها فالقيادة المصرية تمتلك خبرة كبيرة في التعامل مع هذا الملف الشائك. تنظيمات مارقة * كيف ترون التكتل المصري الخليجي؟ ** هذا حديث العالم الذي اتفق علي الدور التخريبي لقطر ودعمها للجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم وأري أن قرار قطع العلاقات هو وسيلة لإقناع الدوحة بتغيير سياستها العدائية ضد جيرانها وإيقاف تمويلها للتنظيمات المارقة التي تستهدف دول المنطقة كما أن ما واجهته الدول الأربع من اتهامات للحكومة القطرية سبق لدول أخري أن أعلنته بوضوح. حلقة اتصال * من خلال متابعتكم لكل الفاعليات المختلفة في إطار التغطية الإعلامية كيف ترون مؤتمر الشباب الذي يتم انعقاده بشكل دوري؟ ** هذا المؤتمر حلقة اتصال بين الرئيس وقطاع الشباب الواعد وحرص الرئيس علي إقامة هذا المؤتمر يشير إلي اهتمامه الشديد بالوقوف حول كل المشاكل والمتطلبات الخاصة بهذه الفئة العربية التي تمثل حوالي 70% من الشعب المصري مطلوب خلق حوار مفتوح بين القيادة السياسية والدولة والشباب وليس هناك فرصة أفضل لتحقيق هذا الهدف إلا من خلال انعقاد هذا المؤتمر بشكل دوري. والجدير بالذكر أن الشباب المصري لديه رؤية واعية تجاه القضايا والتحديات الداخلية والخارجية تستحق الاهتمام. أعتقد أن قطاعات كبيرة من الشباب استعادت ثقتها في الدولة واهتمامها بدورهم في بناء المستقبل وهو أمر مطلوب حتي لا يقال إن هناك تهميشاً أو إقصاء للشباب يحسب للرئيس حرصه واهتمامه في اكتشاف كوادر جديدة واعدة لتأهيلها وإعدادها بشكل سليم لإدارة شئون البلاد في مختلف المجالات.