نعم.. نحن نريد أن يحكمنا ويتولي أمورنا من هم منا.. يأكلون أكلنا. ويشربون شربنا. ويعيشون حياتنا بكل ما فيها من حلو ومر. لكن.. لا نطلب من أحد منهم أن يثبت لنا ذلك بطريقة عملية أو في شو إعلامي أو مشهد تمثيلي هابط أو آخر دعائي أكثر هبوطاً. نريده أن يترك نفسه علي سجيتها وليعلم أن شعب مصر أذكي شعوب الأرض سيفهمها وهي طايرة. وسيدرك كل شيء بلا معاناة. رغم أن غالبيته من البسطاء والأميين. للأسف.. لقد تكرر الشو والتمثيليات والدعاية بشكل أتي بنتيجة عكسية.. وأظن أنه سيتكرر كثيراً طالما أن هناك من ينصحون وهناك من يستجيبون. الحلقة الافتتاحية كان بطلها د.عصام شرف رئيس الوزراء عندما طيرت المواقع الإلكترونية ونشرت الصحف صورته وهو يتناول الفول والطعمية بأحد المحلات الشهيرة بوسط البلد.. رغم أن من حقه كمواطن أن يأكل ما يريد وقتما يشاء!! ثم كانت الحلقة الثانية من عمرو موسي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية وهو يحضر حفل زفاف أحد الزملاء الصحفيين.. فلماذا لم يشارك في مثل هذه المناسبات الشعبية وهو وزير خارجية أو أمين عام الجامعة العربية؟! وآخر الحلقات حتي الآن كانت أمس الأول عندما قام د.عبدالمنعم أبوالفتوح الإخواني سابقاً. وحالياً رغم "شو" فصله من جماعة الإخوان وهو يتجول بسوق وموقف ميكروباص الحي العاشر بمدينة نصر ويصافح البائعين والسائقين ويتناول "طبق كشري" مع المواطنين.. ومن المؤكد أنها آخر مرة يتناول فيها الكشري. وإذا أصبح رئيساً فلن يدخل الكشري الرئاسة ولو جاءوا بطلعت زكريا!! الشخصيات الثلاثة أكن لهم كل حب وتقدير.. فهم محترمون من الأساس.. ولكن يقيني أن من نصحهم بتناول الفول والكشري ولو كان "عزومة" وحضور حفل الزفاف وإن كان "صدفة".. أضرهم ولم ينفعهم. الارتباط بالناس ليس بالأكل وسطهم ولا بمشاركتهم أفراحهم.. الارتباط يأتي بالقرارات النافعة للناس والمواقف الوطنية وسرعة الإنجاز والتحسن الملموس في الدخول ومستوي المعيشة وفي طرح الحلول للمشكلات الحياتية دونما النظر إلي منصب حالي يتمسك به الإنسان أو كرسي كبير يطمح إليه. لقد لخص أحد أصحاب محلات الحي العاشر القضية في سؤال إلي د.أبوالفتوح: هل ستأتي إلينا ثانية لو أصبحت رئيساً أم ستتعالي علينا؟! وكان الرد ثورياً لكنه غير مقنع عندما قال: إن أي مسئول في أي منصب بعد الثورة إنما يأتي برغبة الشعب لخدمة الناس لا للاستعلاء عليهم. يا دكتور.. إهمال الناس لا يأتي أبداً بالاستعلاء عليهم صراحة وعلانية.. بل هناك حجج جاهزة يعلنها أمثال من أقنعوك وغيرك بتناول الفول والكشري والمشاركة في حفل زفاف.. ولعل الحجة الأكثر تداولاً والأقل اعتراضاً عليها هي "الدواعي الأمنية".. فليس المرشح المحتمل الذي يخطب ود الناس بأي وسيلة. ولوكانت "بلدي" كالرئيس المنتخب الجالس فعلاً علي الكرسي الكبير. أرجو أن يدرك المرشحون المحتملون للرئاسة والراغبون في رئاسة الحكومة أن شعب مصر ذكي ولا تنطلي عليه هذه "الشوهات".. بأي حال من الأحوال.