اتهمت فصائل المعارضة السورية طيران النظام بأنه استخدم السلاح الكيماوي ضدها . فامتد التأثير إلي المدنيين . عشرات الضحايا من أبناء خان شيخون بمحافظة أدلب . فسرت اجتهادات أخري ما حدث بأن الطائرات السورية ضربت مستودعاً للمواد الكيماوية تمتلكه فصائل المعارضة . ما أدي إلي قتل العشرات من المدنيين . لكن حكومات الغرب أيدت الترجيح الأول . وذهبت إلي أن طائرات النظام هي التي أحدثت المجزرة البشعة. الغريب أن الآراء التي اتفقت علي إدانة النظام بتدبير الهجوم المدمر. وأيدت ترامب في غاراته علي سوريا . لم تدعم اتفاقها في الرأي بما يؤكد مسئولية النظام عن الجريمة .. ورغم أن المتحدث العسكري الروسي أشار إلي أن الطائرات السورية أصابت مخزناً للأسلحة الكيماوية مما ألحق الضرر بالعشرات من المدنيين . فإن نظام بشار الأسد نفي أن تكون طائراته هي التي قذفت مستودعات السلاح الكيماوي "التي تملكها المعارضة" بقنابلها. البديهي أن يسبق الإدانة تحقيق جنائي دولي . محايد ومسئول . يناقش الحدث من كل جوانبه . بما يحدد الفاعل . لكن القول بأن الجريمة تحمل بصمات نظام بشار الأسد مجرد تخمينات لاتستند إلي الحقائق الموضوعية. لا أدافع عن النظام السوري . فقد كان يستطيع "منذ بداية الأحداث" أن يمتثل لصوت العقل . يناقش قيادات المظاهرات السلمية . بدلاً من أن يصوب جنوده الرصاص إلي صدور المتظاهرين . وهو ما أتاح الفرصة لتدخل القوي الكبري والدول الإقليمية . وتحويل المدن السورية إلي ساحات قتال يصعب التعرف إلي طبيعة معاركها. التحقيق في ملابسات الجريمة البشعة يجب أن يقفز علي الشائعات والاستنتاجات . ليصل إلي الفاعل الحقيقي . فلا تكرر تهمة الأسلحة الكيماوية التي وجهها جورج بوش إلي حكومة العراق . وكانت هي المدخل لشن الحرب . فقتلت. ودمرت . وحولت البلد الواحد إلي دويلات متنافرة . يحكمها الصراع الطائفي والمذهبي. لماذا ؟ ومن المحرض ؟ ومن الممول ؟ ومن الذي تختفي أصابعة وراء الخيوط التي تنسج المأساة؟ عدا روسيا . فإن الاتهامات وجهت إلي النظام السوري . حتي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدل وجهة نظر الإدارة الأمريكية الحالية من نظام الأسد. كرر ترامب تأكيدة بأن تنحية الرئيس السوري مسئولية شعبه . ثم أعلن "عقب الجريمة البشعة" أنه قد بدل موقفه . وأمر بإطلاق الصواريخ علي قاعدة الشعيرات الجوية . لم يثر السؤال حول الطائرات المجهولة الهوية التي تقتحم المجال الجوي السوري . تلقي قنابلها وتعود دون أن يعترضها ما يسمي طائرات التحالف. وإن تصدت لها الدفاعات الأرضية والمقاتلات في قاعدة الشعيرات التي اختارها الرئيس الأمريكي لضربته الجوية. هل يصعب تبين الأصابع الخفية التي تدفع بتلك الطائرات من خارج الحدود ؟ ألا يجدر بالمجتمع الدولي أن يتأمل دعوة نتنياهو "رئيس وزراء الكيان المزدحم بالأسلحة الذرية والكيماوية والجرثومية . والذي تدرك مخابراته خلو مخازن الجيش السوري من تلك الأسلحة" بحظر حق امتلاك سوريا للسلاح الكيماوي؟! هل هي محاولة لتكرار سيناريو غزو العراق؟!