لم نر أو نقرأ في عهد من العهود عن هجمة شرسة علي الأزهر الشريف مثلما هو حادث الآن. اللهم إلا تلك الحملة التي رافقت مشروع تطوير الأزهر الشريف في ستينيات القرن الماضي. ولكنها مع ذلك لم تكن بهذه الشراسة والتجرؤ الذي وصل إلي حد الوقاحة. بل لا أكون مبالغاً إذا قلت إنها وصلت حد السفالة. لا يتجرأ علي الأزهر الشريف وشيخه الجليل إلا كل كاره للعلم والعلماء. وكل هادم للثوابت أياً كانت. وكل جاهل بالعلوم الشرعية. وكل من فقد التربية السليمة وافتقد الأخلاق السوية. بينما هو في الحقيقة لا يحمل جزءاً من الألف من علم علماء الأزهر الشريف ناهيك عن علم شيخ الأزهر نفسه. تحدثت من قبل عن الأزمة التي أراد الخبثاء افتعالها بين مؤسسة الأزهر الشريف ومؤسسة الرئاسة بسبب موضوع الطلاق الشفوي. فراح البعض يسوق أوهاماً لا وجود لها إلا في خياله المريض بوجود أزمة بين المؤسستين. بل زادوا علي ذلك بأن أدخلوا العالم الشاب د. أسامه الأزهري علي الخط عندما اتهموه بأنه آثر الصمت خوفاً من إغضاب أي من المؤسستين اللتين ينتمي إليهما. فهو أزهري العلم وفي الوقت نفسه مستشار الرئيس للشئون الدينية. وغير ذلك من اتهامات أخذ يسوقها مع كل أسف من ينتمون لخريجي الأزهر الشريف ولكن معروفة اتجاهاتهم المعادية للأزهر وعلمائه وشيخه. فراحوا ينشرون أكاذيب بأن بيان هيئة كبار العلماء بشأن الطلاق الشفوي صدر بالأغلبية وليس الاجماع. وأن هناك من تم ارغامه علي الموافقة بينما هو من الرافضين له. بالأمس تفضل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بتوضيح الأمر خلال برنامجه الأسبوعي الذي يذاع علي الفضائية المصرية حيث أكد " أن البيان صدر بإجماع الآراء وليس الأغلبية. وأن هيئة كبار العلماء تحترم أمانة العلم وتستشعر الخوف من الله. ولا تتأخر علي الإطلاق في بيان أحكام الشريعة بكل وضوح. مشددًا علي أن آراء هيئة كبار العلماء لا تؤخذ تحت سيف التهديد. كما يدعي بعض المنتسبين إلي العلم ويشيعه في القنوات والبرامج ويسمعه الناس. وأكد فضيلة شيخ الأزهر أن من ينتقدون هيئة كبار العلماء لا يملكون عشرًا من أعشار ما عند الهيئة. متسائلاً: كيف يجترئون علي الخوض في دقائق العلم ويُبدون آراءهم في موضوعات أخضعها علماء الهيئة للدرس المستقصي والبحث المضني. مع خوف من الله ومراعاة مقاصد الشريعة وسلامة المجتمع؟.! أشار شيخ الأزهر إلي أن لجنة مختارة من علماء كلية الشريعة وبعض أساتذة الشريعة في جامعة القاهرة مع ممثل لمحكمة الأحوال الشخصية. ناقشت قضية الإشهاد علي الطلاق وانتهت إلي رأي كان من المفروض أن يكون القول الفصل في القضية." إلي هنا انتهي توضيح شيخ الأزهر. ولكن الغريب في الأمر أن من ينتقدون بيان هيئة كبار العلماء بشأن الطلاق الشفوي هم أنفسهم من كانوا يرفضون إخضاع الأعمال الفنية والأدبية لتقييم علماء الأزهر الشريف وكانوا يسوقون لذلك مثالاً بأنه كيف لطبيب أن يتحدث في الهندسة وكيف لمهندس أن يتناول أمور الدين والفقه وكيف لعالم أزهري أن يقيم الأعمال الفنية والأدبية. داعين إلي احترام التخصص. ومع اختلافنا مع هذا التوجه الغبي. وهذه الحجج التي لا تنم إلا عن أشخاص يريدونها فوضي في الأخلاق والمجتمعات. فإننا وبمنطقهم نفسه نقول لهم: عليكم احترام التخصص. فعندما يكون الأمر متعلقاً بأمر من أمور الفقه والشرع فلنترك المسألة برمتها لعلماء الدين وعلي رأسهم هيئة كبار العلماء التي تضم خيرة علماء الدين وفي مقدمتهم فضيلة شيخ الأزهر الذي ومعه كل أعضاء الهيئة لا يخشون إلا الله فيما يقررون. وعلي الجانب الآخر فإن المسألة لم تكن إلا مجرد تساؤل طرحه السيد الرئيس من واقع خوفه علي الأسرة المصرية وحمايتها من التفكك والتشريد .وأجاب عنه فضيلة الإمام فوراً من واقع علمه. وليس هناك شك في أن الرئيس يكن كل حب وتقدير واحترام لفضيلة شيخ الأزهر فنحن نعرف أخلاق الرئيس جيداً وكيف يحب ويقدر العلماء وفي مقدمتهم فضيلة شيخ الأزهر. والأمر نفسه بالنسبة لفضيلة شيخ الأزهر الذي يعلن دوماً تقديره واحترامه للرئيس. ثم لماذا ينسي أو يتناسي هؤلاء المغرضون ما انتهي به بيان هيئة كبار العلماء من أنه من حق ولي الأمر وهو هنا رئيس الجمهورية اتخاذ ما يراه من إجراءات وإصدار قوانين تحمي الأسرة وتصون حق المرأة من تلاعب الزوج إذا لم يرد توثيق الطلاق؟! وفي النهاية سيظل الأزهر الشريف وعلماؤه وشيوخه تاجاً علي جبين كل المصريين الذين يجلون العلم والعلماء وفي مقدمتهم علماء الدين من خريجي هذه المؤسسة التي تحظي باحترام العالم أجمع إلا نفراً من المصريين الموتورين.