عندما يتحدث الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب عن الأوضاع الاقتصادية الأمريكية باعتبارها أوضاعاً غير مقبولة وعندما تعود أمريكا للقيادة الاقتصادية من خلال الاعتماد علي المنتجات المحلية وحماية الحدود الاقتصادية. لابد أن نتحسر علي أحوالنا الاقتصادية. وعلي صناعتنا الوطنية التي تعتمد علي مكونات مستوردة في غالبيتها مما أدي إلي ارتفاع أسعارها بعد تعويم الجنيه مثلها مثل المستورد لتفقد ميزة سعرية تنافس بها المنتجات المستوردة التي مازالت تتدفق علي البلاد علي الرغم من مضاعفة سعر الدولار الأمريكي. وعندما يقول "ترامب" رئيس أكبر دولة رأسمالية ب "الفم المليان" وبحسم وإصرار. أن أمريكا سوف تعود إلي أيدي العمال. وأن الوظائف سوف تعود للأمريكيين. نندب حظنا ونحن نجد قانون العمل يسمح بوجود عمالة أجنبية. في الوقت الذي ارتفعت فيها معدلات البطالة إلي مستويات كبيرة. ورغم ذلك نجد كبار رجال البيزنس ينادون بزيادة نسبة العمالة الأجنبية المسموح بها بحجة أنها الأكثر خبرة وتدريباً دون أن يكلفوا خاطرهم برصد ميزانية لتدريب اليد العاملة المحلية وزيادة خبراتها لتحل محل العمالة الأجنبية. وعندما نسمع الرئيس الأمريكي الجديد الذي يقود أكبر دولة تطبق الحرية الاقتصادية. ينادي بحماية حدود بلاده الاقتصادية وباستعادة المصانع الأمريكية من الخارج دون تخوف من مؤسسات العولمة المختلفة مثل صندوق النقد الدولي أو منظمة التجارة العالمية. نجد أننا فرطنا في حقنا في رفع شعار الحماية التجارية وفي وضع قائمة بسلع محظور استيرادها. أو عليها قيود كمية حتي ولو بشكل مؤقت لحين تحسن الأوضاع الاقتصادية وذلك علي الرغم من أن اتفاقيات التجارة العالمية التي تسمح بهذه الإجراءات في مثل هذه الظروف الاقتصادية والاستثنائية التي نمر بها. هل يتحول الاقتصاد الأمريكي المفتوح إلي اقتصاد حمائي. وهل ستتحول السياسات الاقتصادية المنفتحة إلي أخري منغلقة؟ هذا ما أكده الرئيس الأمريكي الذي رفع راية مصالح أمريكا أولاً. الخطاب الاقتصادي الأمريكي يعكس رؤية محددة وتوجهات واضحة وانحيازات للشعب وطبقته العاملة والمتوسطة من جانب صناع القرار. وللأسف مازالت تنقصنا هذه الرؤية والتوجهات والانحيازات الواضحة التي انتظرها المصريون منذ نحو سنوات وحتي الآن. وثائق الصندوق فاجأنا صندوق النقد الدولي بقوله إن انخفاض الجنيه المصري بعد التعويم كان أكبر من توقعاته. وقال رئيس بعثة الصندوق الخاصة بمصر: "كريس جارفيس" إنهم أخطأوا في ذلك. في الوقت الذي لم يخرج فيه مسئول مصري ليعترف بما اعترف به الصندوق. بل استقبلوا انهيار الجنيه بثبات ورباطة جأش مما أطلق توقعات البعض حول مزيد من الارتفاع. وهو ما انعكس علي أسعار السلع والخدمات في شكل موجات متعاقبة من زيادة الأسعار غير المسبوقة. ولم يخرج أي مسئول أيضاً ليبدي انزعاجه من هذه الارتفاعات ومن وصول التضخم لأعلي مستوياته منذ 8 سنوات. بل علي العكس وجدنا الحكومة لا تقترب من الأسعار مؤكدة أن السوق يخضع لآليات العرض والطلب. وأنه لا يمكن فرض تسعيرة محددة للسلع. أيضاً وثائق الصندوق التي تم إعلانها من جانب صندوق النقد واكتفت وزارة المالية في وضعها علي موقعها الإليكتروني باللغة الإنجليزية دون القيام بترجمتها. كانت تسمح للبنك المركزي المصري بالتدخل في سوق الصرف إذا ارتفع سعر الدولار بشكل مبالغ فيه وذلك بالتشاور مع خبراء الصندوق. إلا أن البنك لم يقم بذلك علي الرغم من وصول سعر الدولار إلي ما يقرب من ال 20 جنيهاً كما نصت الوثائق علي إمكانية وجود أسعار صرف متعددة لفترة موقتة وكان يمكن أن يكون من بين هذه الأسعار سعر محدد للدولار الجمركي بسعر منخفض عن الأسعار المتداولة في الجهاز المصرفي بهدف الحفاظ علي استقرار نسبي للأسعار في السوق. ولكن لم يحدث ذلك. وظل الدولار الجمركي بنفس أسعار السوق. وحتي عندما قررت وزارة المالية تثبيته مؤخراً. كان ذلك بمتوسط الأسعار خلال شهر أي بنفس أسعار السوق بما يقلل من أية احتمالات لخفض الأسعار. خطاب "ترامب" ووثائق صندوق النقد يحملان رسائل قوية لمن يهمه الأمر.