بدأت العلاقة بين الفنون الجميلة والأدب. بل بين كل الفنون بوحدتها ففي العصر الأغريقي أي اليوناني القديم أطلق لقب "الفنان" علي كل صانع وصاحب مهنة بغير تفرقة بين الصانع والمبدع. وكانت الخطوة التالية هي تنوع الانتاج الفني مع وحدة الفنان المبدع. فكان الفنان يمارس النحت والرسم وتلاوة الشعر والغناء والعزف.. ثم إزدادت حدة تقسيم العمل وتفرعت الفنون المختلفة. فعرف الإنسان الفنون الجميلة "أي الرسم والنحت" وقام بالتفريق بينها وبين الأدب والموسيقي والغناء.. وأصبح لكل منها فنان متخصص لايجيد التعبير الا بواحد منها.. وانقسم كل فرع بعد ذلك الي اشكال اكثر تخصصا كالشعر والقصة والملحمة الأدبية والمسرحية.. هذا في الأدب. والنحت والرسم والتلوين والعمارة.. ألخ في الفنون الجميلة. لكن هناك عودة الي الارتباط مرة أخري بين هذه الأشكال الفنية.. وهو مستوي من الارتباط والعلاقة تتناسب مع درجة التطور والارتقاء الإنساني في العصور التالية.. فالسينما والمسرح والتليفزيون هي مجالات مع كل الفنون في أعمال فنية متكاملة. يشترك فيها كل فنان بتخصصه.. وهناك أشكال أخري لهذا الارتباط والاجتماع. تتضح عند تتبع العلاقة التي بدأت بوحدة العمل التعبيري ووصلت الي عودة هذه الوحدة علي مستوي جماعي جديد راق. فخلال طفولة البشرية عندما خرج الإنسان من القابة وبدأ يسكن الكهوف.. انتقل البشر من مرحلة الجماعة الحيوانية الي مرحلة المجتمع الإنساني وأصبح يطهو طعامه. سواء كان نباتيا أو من لحوم الحيوانات. وتوقفت الزائدة الدودية في جسم الإنسان "المصران الأعور" عن العمل الذي ينشطها لدي الثدييات آكلة الحشائش.. عند هذا التحول لم تكن أدوات التعبير قد نضجت بعد ولكن عندما سجل الملك مينا حروبه مع ملك الوجه البحري بالرسوم. ترك لنا أول وثيقة مقروءة في التاريخ كان بذلك إيذاناً ببداية التاريخ. اكتشاف الكتابة ظهر متأخراً في حضارة ما بين النهرين. دجلة والفرات عن اكتشافها في مصر لان القبائل الصحراوية من الرعاة والتجار قاموا بهجرات أو غزوات للسومريين سكان المناطق الزراعية في جنوب العراق. ويختلف الفكر الصحراوي في غرب آسيا عن الفكر الزراعي المصري في عدة أمور. أهمها الميل الي الخشونة والاتجاه الي إبادة الأعداء المهزومين ومحو ذكراهم وهذا أدي الي عدم الاستفادة بخبراتهم بينما كان المصريون القدماء يحرصون علي تأكيد وحدة الشعب المصري ومحو آثار الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب وفيما يتعلق باكتشاف الكتابة كانت مراسلات التجار وحساباتهم هي الدافع لاستخدام العلامات المسجلة علي ألواح الطين ثم صرفها بعد جفافها فتصبح لوحات من الفخار أطلقوا عليها اسم الأرقام الطينية وهي علامات تشبه المسامير. ولهذا سميت باللغة المسمارية.. اما الكتابة المصورة فقد اختفت من عند السومريين مع ظهور الحضارة الزراعية. وكان الرعاة والتجار هم أول من أظهر العداء للفنون الجميلة وسارت وراءهم حضارات تالية وهي عداوة لم تعرفها الحضارة المصرية الزراعية التي دافعت بنجاح عدة مرات عن تقاليدها ضد الغزو الصحراوي لها. وكانت أشهر غزوة صحراوية في التاريخ هي التي قام بها الهكسوس الذين طردهم الملك أحمس مؤسس الأسرة رقم 18 في مصر القديمة.